اقتصاد

ملف الأحد :حماية المستهلك المغربي في ظل ارتفاع الأسعار: تحميل حكومة أخنوش المسؤولية

الملف من إعداد لفاس 24 : عبدالله مشواحي الريفي

مع تزايد التحديات الاقتصادية التي يواجهها المغرب في السنوات الأخيرة، أصبح المستهلك المغربي يعاني بشكل ملحوظ من تفاقم أزمة القدرة الشرائية. مع ارتفاع أسعار المواد الأساسية بشكل مستمر، ومع اقتراب شهر رمضان، الذي يعد شهرًا خاصًا للعائلات المغربية، يتفاقم الوضع ويزداد حدة في ظل تصاعد أسعار السلع الأساسية بشكل غير مبرر. هذا الوضع، الذي يعكس غياب الشفافية والمحاسبة، يضع حكومة أخنوش في موقع المساءلة الكاملة. فبينما تواصل الحكومة تقديم وعود بالحد من التضخم وتحقيق استقرار الأسعار، يبقى الواقع بعيدًا عن هذه الوعود. ورغم التصريحات الحكومية المتكررة، يظل لهيب الأسعار يشتعل في السوق المغربية، مما يجعل المواطن العادي في مواجهة مباشرة مع تداعيات هذه الأزمة.

ارتفاع الأسعار وتأثيره على المواطن المغربي:

منذ أكثر من ثلاث سنوات، شهدت أسعار العديد من السلع الأساسية زيادات ملحوظة، شملت المواد الغذائية وغاز البوتان والمحروقات والخضروات والفواكه. هذا التضخم، الذي لا يعكس حقيقة الوضع الاقتصادي الحقيقي، أصبح يشكل تهديدًا حقيقيًا للقدرة الشرائية للمواطنين، حيث أضحى المواطن المغربي يواجه صعوبة في توفير احتياجاته الأساسية.

وفيما يتعلق بشهر رمضان، فإن الأزمة تتفاقم أكثر فأكثر. فالمواد الغذائية التي عادة ما يكون الإقبال عليها كبيرًا في هذا الشهر مثل اللحوم، الأسماك السكر، الزيت، الحبوب، الفواكه ،الخضر وغيرها من المنتجات الأساسية، شهدت ارتفاعًا غير مسبوق في أسعارها. وبينما كان يفترض أن تضع الحكومة تدابير خاصة لتخفيف الضغط عن الأسر المغربية خلال هذا الشهر المبارك، فإن الواقع كان مخالفًا تمامًا. الأسعار استمرت في الارتفاع، وفرضت على الأسر التكيف مع وضع اقتصادي شديد الصعوبة. الزيادة في الأسعار ليست فقط في السلع الاستهلاكية، بل أيضًا في تكاليف مرافق الحياة، مما جعل العديد من الأسر المغربية في موقف حرج، يضطر بعضها إلى التقشف في بعض احتياجاتها الأساسية.

التطمينات الحكومية الفارغة:

منذ تولي حكومة عزيز أخنوش مهامها، أعلنت مرارًا وتكرارًا عن إجراءات تهدف إلى تخفيف الضغط الاقتصادي على المواطن المغربي، متعهدة بالعمل على محاربة التضخم، وضبط الأسعار، وتقديم الدعم للفئات المتضررة. ومع ذلك، كانت هذه الوعود غالبًا ما تتناثر في الهواء، دون أن تترجم إلى واقع ملموس. الحكومة لم تقم بتقديم حلول فعالة للتعامل مع الارتفاع الكبير للأسعار، بل إن التطمينات التي قدمتها لم تقابلها أي إجراءات صارمة أو فعّالة على أرض الواقع. فبينما تكثر التصريحات التي تشير إلى وضع استراتيجيات للتعامل مع الأزمة، نجد أن الأسعار لا تزال في ارتفاع مستمر، مما يعكس عدم فعالية السياسات الحكومية في مواجهة هذا التحدي الكبير.

إن الحكومة لم تضع سياسات حقيقية للحد من الاحتكار والمضاربات في السوق، كما أن الإجراءات التي اتخذتها كانت متأخرة وغير كافية. فالمواطن المغربي يلاحظ يوميًا التباين بين تصريحات المسؤولين في الحكومة وبين الواقع الذي يعايشه في الأسواق حتى جعل الجميع يفقد الثقة، هذه الفجوة بين الوعود الحكومية والواقع جعلت الكثير من المواطنين يشعرون بالإحباط، مما يزيد من حالة الاستياء الاجتماعي، ويعمق فقدان الثقة في القدرة الحكومية على إصلاح الوضع.

التأثير الكبير على الفئات الهشة في المجتمع:

الأزمة الاقتصادية التي يعاني منها المغرب في الوقت الراهن لا تؤثر فقط على المواطنين من الطبقات المتوسطة، بل تضر بشكل كبير الفئات الهشة في المجتمع. في الوقت الذي يعاني فيه المواطن العادي من هذه الزيادات، فإن الأسر ذات الدخل المحدود تجد نفسها أمام خيارات صعبة في تلبية احتياجاتها الأساسية. فعلى سبيل المثال، مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية، يجد العديد من الأسر نفسها مضطرة للحد من استهلاك اللحوم أو الفواكه أو حتى المواد الأساسية الأخرى مثل الزيوت والحبوب، مما يعكس عجزًا في توفير الحد الأدنى من المعيشة.

الضغط المعيشي يزداد بشكل خاص على الفئات الاجتماعية التي كانت أصلاً تعاني من ضعف القدرة الشرائية. إن هذه الزيادات تؤثر بشكل غير متناسب على الطبقات الفقيرة، التي تصبح مجبرة على تقليص احتياجاتها الأساسية المرتبطة بالقوت اليومي. كما أن الارتفاع في تكاليف المعيشة يعزز من تفاوت الفرص بين مختلف فئات المجتمع، مما يزيد من عمق التحديات التي يواجهها المواطن المغربي في تحقيق حياة كريمة.

حكومة أخنوش والرقابة على الأسواق:

إحدى أبرز القضايا التي يجب أن تتحمل الحكومة مسؤوليتها هي غياب الرقابة الفعالة على الأسواق المغربية. فعلى الرغم من وجود قوانين تهدف إلى ضبط الأسعار ومحاربة الاحتكار، فإن تنفيذ هذه القوانين يبقى ضعيفًا وغير فعال. بينما يستمر البعض في استغلال الأوضاع الاقتصادية، خاصة في الفترات التي تعرف زيادة في الطلب مثل شهر رمضان، فإن الحكومة لا تقدم حلولا فعلية لوقف هذه الممارسات.

يتحمل عزيز أخنوش وحكومته مسؤولية كبرى في تعزيز آليات الرقابة على الأسواق وضمان الشفافية في العمليات التجارية. فالتضخم الكبير في أسعار السلع لا يمكن أن يستمر دون تدخل فعلي من الدولة لضمان استقرار الأسعار، والحد من المضاربات. الرقابة على الأسعار يجب أن تشمل تشديد العقوبات على من يقومون برفع الأسعار بشكل غير مبرر، وفرض قوانين تمنع الاحتكار وتعزز المنافسة العادلة.

تحميل الحكومة المسؤولية:

إن الوضع الراهن، الذي يشهد تدهورًا مستمرًا في القدرة الشرائية وارتفاعًا في الأسعار، يتطلب من حكومة أخنوش تحمل المسؤولية الكاملة. وعلى الرغم من تصريحات الحكومة التي تؤكد عملها على حماية المستهلك، فإن الواقع يقول عكس ذلك. التطمينات الحكومية في واد، وارتفاع الأسعار في واد آخر. إذا كانت الحكومة جادة في الحد من هذه الظاهرة، فإنه يتعين عليها اتخاذ إجراءات حاسمة للحد من التضخم، وتعزيز الرقابة على الأسواق، وتقديم الدعم للمواطنين المتضررين.

تظل هذه الحكومة أمام اختبار حقيقي، حيث يتعين عليها ترجمة الأقوال إلى أفعال، وتقديم حلول حقيقية للمستهلك المغربي الذي يئن تحت وطأة الأزمة الاقتصادية.

إن حماية المستهلك المغربي تتطلب التزامًا حكوميًا حقيقيًا وعاجلاً. يجب على حكومة أخنوش أن تتحمل مسؤوليتها في مواجهة ارتفاع الأسعار والتضخم الذي يؤثر بشكل كبير على حياة المواطن المغربي. من الضروري أن تضع الحكومة سياسات وقوانين فعالة لضبط الأسواق، وتوفير حماية للمستهلك، خاصة في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى