ساعة الصفر في البناء العشوائي.. ويسلان تُهدد بتكرار “أعوينات الحجاج”: والي جهة فاس مكناس في مواجهة إرث “الكرتيلات”

بات إرث البناء العشوائي وتفريخ الأحياء السكنية غير المرخصة في فاس يقترب من نقطة اللاعودة، وهو تحدٍ ثقيل يواجه الوالي الجديد لجهة فاس مكناس، خالد أيت طالب. فبعد سنوات من التراخي الذي شهد تنامي ظاهرة الطوابق التي تكاد تلامس السماء في الأحياء الشعبية، وارتفاع منسوب حوادث انهيارات المنازل، يطفو على السطح اليوم ملف جديد يهدد بكارثة اجتماعية وإنسانية مماثلة.
ويسلان.. حي “لم يولد” إلا على حافة الوادي
التركيز ينصب اليوم على ما يجري في منطقة ويسلان، التابعة لنفوذ قيادة عين البيضا بأحواز فاس، حيث شهدت المنطقة ظهور حي جديد يتمدد بشكل مريب على مقربة من الأراضي الفلاحية، في مشهد يعيدنا أربعين عاماً إلى الوراء، وتحديداً إلى لحظة ميلاد حي أعوينات الحجاج، الذي يُصنف اليوم ضمن الأحياء ذات الخطورة الكبيرة نتيجة البناء الفوضوي والهامشي.
إن ما يرصد اليوم في ويسلان هو بمثابة “أعوينات الحجاج الثاني”، فالمنازل تفرخت في رمشة عين، مستغلة فراغاً رقابياً أو تواطؤاً، على مرأى ومسمع الجميع.
البنيات التحتية.. سؤال الصفر: كيف تم الربط؟
الخطر الأكبر في هذا الحي الجديد ليس فقط في موقعه غير القانوني على حافة الوادي، بل في بنيته التحتية “العدمية”. تشير المعطيات إلى أن هذه الدور شُيدت بصفر من البنيات الأساسية:
-
لا صرف صحي: وهو ما يعني كارثة بيئية وشيكة تهدد المنطقة والمياه الجوفية.
-
الماء والكهرباء.. لغز التوصيل: السؤال الأبرز الذي يسائل والي الجهة هو: كيف تم إيصال الربط الكهربائي إلى هذه المنطقة؟ و هل تتوفر هذه المنازل على ماء صالح للشرب بشكل قانوني؟ إن القانون واضح في العالم القروي خارج المراكز: يجب على صاحب المسكن المرتبط بالمجال الفلاحي أن يتوفر على مساحة 2000 متر مربع من أجل بناء سكن له. لكن ما تم رصده في ويسلان يناقض هذا القانون بشكل صارخ، مما يرجح أن البناء تم بالفوضى المطلقة. وإذا كان البناء فوضوياً، فكيف سلمت الوكالات المختصة رخص الربط الأساسية؟ وهل تم فعلاً تسليم رخص البناء أصلاً؟ إن الإجابة على هذه الأسئلة تقع في صلب مسؤولية السلطات الإقليمية.
فاجعة المسيرة حاضرة.. وضرورة التدخل الفوري
لا يمكن فصل ما يحدث اليوم في ويسلان عن الذكرى الأليمة لفاجعة حي المسيرة في فاس، التي ودعت فيها المدينة 22 شخصاً لقوا مصرعهم تحت الأنقاض جراء البناء العشوائي والانهيارات. هذا المشهد المأساوي يجب أن يكون بمثابة جرس إنذار للسلطات للتحرك قبل أن يعلن حي ويسلان عن كارثته الخاصة و إذا تم التراخي في توسعه في السنوات القادمة.
أمام هذا الأمر الواقع، بات التدخل الحاسم والمستعجل أمراً وجوبياً. يجب على سلطات ولاية جهة فاس مكناس:
-
فتح تحقيق فوري ومعمق: للكشف عن ملابسات تفريخ هذا الحي الجديد في “رمشة عين”.
-
البحث في ملفات الهدم: هل هناك محاضر إنجزت لهدم تلك البنايات ولم يتم تنفيذها؟ ومن هي الجهات التي أمرت بعدم التنفيذ أو تغاضت عنه؟
-
تحديد المسؤوليات ومحاسبة “الكرتيلات”: إن تفريخ أحياء بهذه السرعة لا يتم إلا بمساهمة “كرتيلات” تضم جهات متواطئة استغلت النفوذ لضرب قوانين التعمير عرض الحائط.
إن والي جهة فاس مكناس، خالد أيت طالب، يواجه اليوم تحدي تصفية إرث ثقيل من الفساد في التعمير. ويسلان ليست مجرد بقعة أرض، بل هي اختبار حقيقي لإرادة الدولة في فرض القانون وحماية أرواح المواطنين من جشع المضاربين وعشوائية البناء.






