مقال تحليلي : الإسلاميون في المغرب: مسيرات دعم غزة تكشف عن صراعات خفية وتحديات مستقبلية

في مشهد سياسي غير مسبوق، شهدت الساحة المغربية مؤخرًا توترات غير متوقعة بين التيارات الإسلامية، حيث تحولت مسيرات الدعم للقضية الفلسطينية إلى ساحة صراع داخلي بين جماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية، مدعومة من حركة التوحيد والإصلاح. هذه الانقسامات، التي ظهرت بوضوح خلال المسيرات الأخيرة، تُظهر أن التضامن مع غزة أصبح أداة لصراع النفوذ والتأثير بين هذه الجماعات، بدلاً من أن يكون تعبيرًا عن وحدة الموقف تجاه القضية الفلسطينية.
في خطوة غير متوقعة، نظمت جماعة العدل والإحسان مسيرة حاشدة لدعم غزة، متفردة بذلك عن باقي التيارات الإسلامية. وفي المقابل، عاد حزب العدالة والتنمية وحركة التوحيد والإصلاح لتنظيم مسيرة أخرى، مما أظهر تباينًا واضحًا في المواقف والتوجهات. هذا التباين يعكس عمق الخلافات بين هذه الجماعات، التي كانت في السابق تشترك في أهداف ورؤى مشتركة.
اللافت في هذه التطورات هو الدعم الذي تلقته هذه المسيرات من أحزاب اليسار، مما يطرح تساؤلات حول مدى تأثير هذه التحالفات على مصداقية هذه الجماعات في نظر قواعدها الشعبية. هل أصبحت هذه الجماعات تستخدم القضية الفلسطينية كأداة لتحقيق مكاسب سياسية داخلية، أم أن هناك تحولًا في أولوياتها واستراتيجياتها؟
من جهة أخرى، تبرز تساؤلات حول مستقبل العلاقة بين جماعة العدل والإحسان وحزب العدالة والتنمية. هل ستستمر هذه الجماعة في دعم الحزب في الانتخابات القادمة، أم أنها ستتخذ مسارًا منفصلًا، خاصةً بعد أن أظهرت استعدادًا أكبر للانخراط في العمل السياسي المؤسساتي؟ هذا التحول قد يكون مؤشرًا على رغبة الجماعة في إعادة هيكلة نفسها لتصبح لاعبًا سياسيًا مستقلًا، بعيدًا عن التأثيرات الحزبية التقليدية.
في ظل هذه التحولات، يبقى السؤال الأهم: هل ستتمكن هذه الجماعات من تجاوز خلافاتها الداخلية وتوحيد صفوفها لمواجهة التحديات الكبرى التي يواجهها المغرب، أم أن الصراعات الداخلية ستستمر في إضعاف تأثيرها السياسي والاجتماعي؟ الإجابة على هذا السؤال ستحدد مستقبل الدور الذي ستلعبه هذه الجماعات في المشهد السياسي المغربي، ومدى قدرتها على التأثير في قضايا الوطن الكبرى.