مقال تحليلي : الإرهاب يطور نفسه بالمغرب بالتخلى عن الذئاب المنفردة و يمتطي “الخلايا العائلية”

بعد عشرة أيام من توقيف عنصر متطرف يتبنى الفكر المتشدد لتنظيم “داعش” بمدينة تاوريرت، أجهض الأمن المغربي، الأحد، مخططا إرهابيا وشيكا كان في مرحلة التحضير للتنفيذ المادي لعمليات تفجيرية بعد أن تم توقيف أربعة أشخاص مرتبطين بهذا التنظيم بينهم ثلاثة أشقاء.
وذكر بلاغ للمكتب المركزي للأبحاث القضائية أن العملية الأمنية كشفت عن تخطيط دقيق لاستهداف مواقع داخل المملكة باستخدام مواد كيميائية متفجرة وأسلحة، مع توثيق أهداف محتملة وتحضير للالتحاق بمعسكرات تنظيم “داعش” في منطقة الساحل.
وفي هذا السياق، تُجدد هذه العملية الأمنية الاستباقية النقاش حول أسباب استهداف المغرب من التنظيمات الإرهابية رغم النجاح المستمر للأجهزة الأمنية في إحباط هذه المخططات، لتبقى البلاد في مواجهة تحديات مستمرة خاصة مع تطور أساليب التنظيمات المتطرفة ومحاولاتها لزعزعة الاستقرار.
“زيادة الحيطة والحذر”
وتعليقا على الموضوع، ذكر خبراء و باحثين في الدراسات الاستراتيجية والأمنية، أن هذه العملية الأخيرة في منطقة حد السوالم كانت على وشك التنفيذ إذ وصلت مرحلة الصفر، مشيرا إلى أن الأجهزة الأمنية كشفت أن أفراد الخلية قاموا برصد دقيق للأماكن المستهدفة وتصويرها عدة مرات، كما كانوا قد بدأوا في اقتناء مواد تدخل في صناعة المتفجرات.
وتابعوا، موضحين أن الخلية التي تم تفكيكها تبنت أسلوبا مشابها لما وقع في تفجيرات الدار البيضاء عام 2003، حيث كان مخططها يعتمد على إعداد متفجرات ووضعها في أماكن محددة قبل تفجيرها.
ولفتوا إلى أن الاقتصار على تجنيد أفراد من الدائرة العائلية الضيقة يعكس زيادة الحيطة والحذر لدى المتطرفين، نتيجة للضربات الاستباقية المتواصلة التي أضعفت شبكاتهم في المغرب.
و استهداف المغرب من قبل التنظيمات الإرهابية يعود إلى عوامل عدة، من بينها موقعه الجغرافي ودوره الإقليمي في مكافحة الإرهاب، إضافة إلى استقراره السياسي ومساره التنموي الذي يسعى بعض الأطراف إلى عرقلته.
و أن “تنظيم “داعش” رغم فقدانه لمعاقله في الشرق الأوسط لا يزال يحتفظ بنفوذ قوي في أفريقيا خصوصا في منطقة الساحل، وهو ما يدفع بعض الخلايا الإرهابية إلى محاولة تنفيذ هجمات داخل المغرب قبل الالتحاق بفروع التنظيم هناك”.
و الأجهزة الأمنية المغربية تواصل تطوير قدراتها لمواجهة هذه التهديدات، سواء داخل البلاد أو من خلال تعاونها مع الشركاء الدوليين في مجال مكافحة الإرهاب.
“انتشار الفكر المتطرف”
ظاهرة الإرهاب أصبحت مرضا سياسيا عالميا ولم يعد هناك بلد بمنأى عنها سواء في أوروبا أو إفريقيا أو حتى الولايات المتحدة”.
و المغرب رغم نجاحه في إحباط المخططات الإرهابية استباقيا بالأساس من الصعب القول بالقضاء عليها نهائيا خاصة مع انتشار الفكر المتطرف على مواقع التواصل الاجتماعي.
و هناك عدة عوامل تجعل المغرب هدفا للتنظيمات المتطرفة، أولها انتشار الفكر المتشدد الذي يجد بيئة خصبة في أوساط الفئات الهشة اجتماعيا واقتصاديا بما فيها ضعف المستوى التعليمي وانتشار البطالة وتدني مستوى المعيشية.
و أن هذه التنظيمات تستغل أوضاع الفئات الهشة وأن أغلب من تستهدفهم تتراوح أعمارهم بين العشرينات والثلاثينات حيث يكون الحماس والشعور بالمغامرة في أوجهما.
الخلايا الأسرية الصغيرة
وتطورت أساليب التنظيمات الإرهابية، من الذئاب المنفردة إلى الخلايا الأسرية الصغيرة، مما يجعل عملية رصدها “أكثر تعقيدا”، مؤكدا أن هذه التحولات تعكس ديناميكية التنظيمات المتطرفة وسعيها لتجنب كشف مخططاتها.
و تعد أهمية المقاربة المغربية في عدم الاقتصار على الجهود الأمنية الاستباقية، بل يجب أن تمتد إلى محاربة الهشاشة الاجتماعية وإشاعة الفكر البديل، رغم أن تحقيق نتائج ملموسة في هذا المجال يتطلب وقتا أطول”.