ماكرون يستنجد بوزير الدفاع.. ارتباك سياسي فرنسي في قلب العاصفة الأوروبية

لم تهدأ فرنسا من صدمة سقوط حكومة فرانسوا بايرو بعد يوم واحد فقط من حجب الثقة عنها داخل الجمعية الوطنية، حتى سارع الرئيس إيمانويل ماكرون، أمس الثلاثاء، إلى تعيين وزير الدفاع سيباستيان لوكورنو رئيساً جديداً للوزراء، في خطوة تحمل الكثير من الدلالات السياسية والأمنية داخل فرنسا وخارجها.
لوكورنو، المقرّب من ماكرون، سيباشر مشاورات مع مختلف الأحزاب لتشكيل حكومة جديدة. لكن اللافت أن الرجل القادم من حقيبة الدفاع هو خامس رئيس وزراء منذ انطلاق الولاية الثانية لماكرون في 2022، والثالث خلال عام واحد، وهو رقم قياسي سلبي في عمر الجمهورية الخامسة، يعكس حجم الاضطراب السياسي الذي تعيشه البلاد.
الأزمة تعمقت بعد أن أطاح النواب بمشروع ميزانية كان يسعى من خلاله بايرو إلى تقليص الدين العمومي الذي بلغ 114% من الناتج المحلي الإجمالي عبر توفير 44 مليار يورو. هذا الرفض فتح الباب أمام تصاعد المعارضة؛ فالتجمع الوطني اليميني المتطرف يطالب بانتخابات تشريعية مبكرة، واليسار الراديكالي يرفع سقف الخطاب بالدعوة إلى استقالة ماكرون نفسه، فيما يتمسك الحزب الاشتراكي بأحقيته في قيادة الحكومة باعتباره القوة المتصدرة في الاستحقاقات الأخيرة.
اختيار ماكرون لوزير دفاع سابق على رأس الحكومة ليس مجرد صدفة، بل يعكس قلقاً متزايداً من التهديدات الداخلية والضغوط الخارجية في أوروبا، حيث تتصاعد التوترات الأمنية في محيط القارة على وقع الحرب في أوكرانيا وتداعياتها الاقتصادية والسياسية. وكأن ماكرون يرسل رسالة بأن معركة فرنسا لم تعد محصورة في التوازنات الحزبية، بل باتت أيضاً معركة صمود دولة في مواجهة تحديات داخلية وتهديدات دولية.
وتأتي هذه التطورات قبل أيام قليلة من إصدار وكالة “فيتش” تقييمها الجديد للديون الفرنسية، وسط مخاوف جدية من خفض التصنيف السيادي للبلاد. وهو ما يجعل الأزمة السياسية مرآة مباشرة لأزمة مالية واقتصادية قد تكون أخطر بكثير، وتضع فرنسا في قلب عاصفة داخلية أوروبية لا مفر من مواجهتها.






