سياسة

الحكومة النائمة في دهاليز الأمم المتحدة… معيار الولاءات لا الكفاءات

الحكومة النامئة بدهاليز الأمم المتحدة تكشف مرة أخرى عن حقيقة من يقود دفة البلاد في لحظة دقيقة، حيث بدا واضحاً أن منطق الحزبية الضيقة والولاءات السياسية هو السائد، لا منطق الكفاءة والجدية. وهو ما يفسر الاحتقان الاجتماعي المتصاعد، وحراك الشباب الذي نزل إلى الشوارع والمستشفيات والساحات مطالباً بتجويد قطاعي الصحة والتعليم، بعدما ضاق ذرعاً بارتجالية حكومة أخنوش وانشغالها بالكراسي والمناصب بدل تمثيل الممكلة أحسن تمثيل في المحافل الدولية و خدمة المواطنين.

الصورة التي هزت مواقع التواصل الاجتماعي لم تأت من فراغ: مقطع فيديو يوثق وزيرة الانتقال الرقمي، أمل الفلاح السغروشني، وهي تغط في نوم عميق تزامنا مع  إلقاء رئيس الحكومة لكلمة المغرب أمام الدورة الـ80 للجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك. مشهد صادم لا يليق بتمثيل المملكة في محفل أممي رفيع، ويعكس انعدام الجدية والانضباط في صفوف من يفترض أنهم سفراء الوطن أمام العالم.

المقطع، الذي انتشر كالنار في الهشيم، أشعل موجة عارمة من التعليقات المتباينة. و أن ما حدث فضيحة سياسية ودبلوماسية، تُجسد حالة التراخي والاستخفاف التي تطبع أداء عدد من وزراء الحكومة الحالية. كيف يعقل أن تتحول لحظة رسمية تمثل فيها صورة المغرب أمام المجتمع الدولي إلى مشهد للنعاس والخمول؟

لكن ما يجعل الواقعة أكثر خطورة هو طبيعة القطاع الذي تديره هذه الوزيرة، حيث يوجد زوجها معها كـ “الناهي والآمر” الحقيقي داخل الوزارة، وهو نفس القطاع الذي تحول إلى مصدر فضائح متتالية بعدما نجح قراصنة في اختراق مواقع وزارات ومؤسسات عمومية حساسة، كاشفين هشاشة الأمن السيبراني المغربي. ورغم أن الوزيرة تصرف سنوياً ملايير الدراهم على تنظيم مؤتمرات دولية حول الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، فإن الواقع المرير يفضح تناقض الخطاب مع الممارسة، بعدما كانت المواقع الرسمية والمؤسسات العمومية هدفاً سهلاً لهجمات إلكترونية متكررة.

الواقعة لم تمر مرور الكرام، إذ أعادت إلى الواجهة نقاشاً حاداً حول معايير اختيار الوزراء وكبار المسؤولين، وحول غياب الكفاءات الحقيقية التي تستطيع حمل المسؤولية بجدية والتفاني في خدمة الوطن. فبدل أن يكون الوزير نموذجاً للجاهزية والالتزام، صار بعضهم عنواناً للفضائح والتهاون.

إن حكومة أخنوش مطالبة اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بتقديم أجوبة صريحة للشعب المغربي، الذي يرى وزراءه يترنحون في المحافل الدولية بينما يزداد واقعه الاجتماعي تدهوراً. فهل يليق بدولة تراهن على نهضة تنموية أن يمثلها وزراء يغطون في النوم أمام العالم؟ وهل يمكن لوطن يبحث عن مكانة مشرفة في المنتظم الدولي أن يُدار بمنطق الولاءات الحزبية والمحاصصة السياسية؟

الرسالة واضحة: الشعب فقد ثقته في حكومة لم تُفرز سوى خيبات وإحراجات متكررة، وعليه أن يضع حداً لمرحلة العبث، لأن صورة الوزيرة النائمة في نيويورك ليست سوى انعكاس فج لحكومة غارقة في سبات عميق.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى