فضيحة “الصيادلة الرقميين”: سوق سوداء للمكملات تُهدد صحة المغاربة وتغزو الفضاء الافتراضي

تشهد سوق الأدوية والمكملات الغذائية في المغرب وضعًا مقلقًا، بعد تزايد نشاط شبكات غير قانونية تتاجر بمنتجات صحية خارج القنوات الرسمية، مما ألحق أضرارًا كبيرة بأصحاب المهنة القانونية، وأثار مخاوف بشأن سلامة المستهلكين.
ووفق معطيات متطابقة، فقد رُفعت شكاوى إلى الجهات المختصة للتحرك ضد هذه الظاهرة، التي باتت تفرض نفسها بقوة في العالم الرقمي، وسط استخدام أساليب متطورة لتسويق منتجات خاضعة للتنظيم والمراقبة الصحية. وأكدت مصادر مهنية أن الجهات الرسمية تباشر تحقيقات، بالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، لتعقب المتورطين في تسويق الأدوية والمكملات الغذائية دون ترخيص.
وبحسب خبراء في اقتصاد الأدوية، فإن سوق المكملات الغذائية بالمغرب تُقدر معاملاتُها السنوية بما بين مليار وملياري درهم، إلا أن نسبة مهمة منها تمر عبر قنوات غير مهيكلة، خاصة عبر الإنترنت، ما يعرض المستهلكين لمخاطر صحية حقيقية.
وتفتقر هذه المنتجات، التي تُروّج خارج مسارات الترخيص الرسمية، لأي نوع من الرقابة الصحية، إذ لا يتم تسجيلها لا لدى الجهات المكلفة بالأدوية، ولا لدى الأجهزة المختصة بسلامة المنتجات الغذائية، ما يجعل استهلاكها في حكم “المجهول” من حيث السلامة والفعالية.
وتكمن الخطورة، وفق المتخصصين، في غياب التوجيه الطبي أو الصيدلاني عند استعمال هذه المكملات، ما يؤدي إلى سوء استخدامها، خاصة إذا تم استهلاكها لفترات طويلة أو بجرعات غير مضبوطة، مما قد يُشكل تهديدًا لصحة المستخدمين.
من جهة أخرى، كشفت التحريات أن شبكات التهريب والتسويق غير القانوني توظف تقنيات رقمية متقدمة لتوسيع نشاطها، بما في ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي لإنتاج مقاطع فيديو مزيفة تنسب تصريحات وهمية لشخصيات طبية وصحافية معروفة، دون علمها، بهدف الترويج لمنتجات مشبوهة.
وتنتشر هذه الإعلانات المضللة على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي، مستهدفة فئات واسعة من المستهلكين برسائل تجارية تنطوي على خداع واحتيال، في غياب مراقبة صارمة.
وفي ظل هذا الوضع، بدأت الجهات المعنية بتتبع عدد من المواقع والحسابات الإلكترونية التي تنشط في هذا المجال، وتمكنت من تحديد هويات بعض المشرفين عليها من خلال تتبع آثارهم الرقمية، في خطوة أولى نحو محاسبة المتورطين.
وتطرح هذه الظاهرة تحديات كبيرة أمام السلطات الصحية والرقابية، التي تجد نفسها مطالبة ليس فقط بتجفيف منابع التهريب، بل كذلك بمواجهة طوفان التضليل الرقمي الذي بات يُهدد صحة المغاربة وثقة المواطنين في المنتجات الطبية والغذائية على حد سواء.