تابع كيف فرضت الصين الإغلاق الكامل و العزل الكامل لكبح جماح إنتشار فيروس كورونا
تسجيل زيادة صفرية -أي عدم حدوث إصابات جديدة- في الإصابات بفيروس كورونا المستجد (كوفيد-19) داخل الصين خلال ثلاثة ايام 18 -19 – 20 مارس 2020 ،كان تتويجا للهبوط المتواصل في أعداد الإصابات الجديدة بالفيروس داخل البلاد، لكن كيف استطاعت الصين الوصول إلى هذه النتيجة؟
يلخص اختصاصي جراحة الصدر، الطبيب علي الوعري، الإجابة على هذا التساؤل في عدة نقاط، تتصل بشكل مباشر في آلية التشخيص والعزل الصحي، إضافة إلى التجارب السريرية.
الإغلاق الكامل
يقول الطبيب الوعري في حوار مع الجزيرة نت، إن النتائج الإيجابية التي تمخضت عن التدخلات الطبية لا يمكن فصلها عن الإجراءات الرسمية التي قامت بها الحكومة الصينية في البلاد، وخاصة مدينة ووهان مركز تفشي الوباء.
يوضح الوعري، وهو طبيب فلسطيني يقيم في مدينة ووهان ويتقن اللغة الصينية، أن الإغلاق المحكم على المدينة حال دون انتشار المرض بشكل كثيف وسريع خارجها، كما أن فرض القيود على حركة السكان بداخلها ساعد في الحد من انتشار العدوى والسيطرة على المرض.
الخطوة الأولى
الخطوة الأولى التي اتخذتها الحكومة المحلية في مدينة ووهان، مركز تفشي الوباء، تمثلت -حسب الوعري- بعزل المستشفيات التي تُشخص ارتفاع درجات الحرارة، وتخصيص مستشفيات محددة لمراجعات السكان بشأن الأمراض الأخرى.
كانت هذه الخطوة بداية الطريق لإنشاء مستشفيات ميدانية وتخصيص مراكز طبية يجري توزيع المرضى عليها وفق تقييم درجة الخطورة.
يقول الوعري، إن المستشفيات الصينية عانت بداية انتشار الوباء من شح المستلزمات الطبية، خاصة فيما يتعلق بكواشف الحمض النووي والكاشفات الأخرى لتشخيص الفيروس، وذلك تسبب في صعوبة التشخيص، لكن إنتاجها بكميات كبيرة وتوفرها في كل المستشفيات التي تعالج حالات الإصابة بالفيروس قلب النتيجة، وساهم بشكل كبير في الكشف المبكر عن الإصابة.
الطبيب علي الوعري: الخطوة الأولى التي اتخذتها السلطات في ووهان تمثلت بعزل المستشفيات التي تُشخص ارتفاع درجات الحرارة وتخصيص أخرى لتشخيص بقية الأمراض (الجزيرة)
الطبيب علي الوعري: الخطوة الأولى التي اتخذتها السلطات في ووهان تمثلت بعزل المستشفيات التي تُشخص ارتفاع درجات الحرارة وتخصيص أخرى لتشخيص
كان هذا واضحا يوم 13 فبراير عندما جرى تسجيل أكثر من 14 ألف إصابة جديدة مؤكدة، بعد إخضاع بعض الحالات “لتشخيص سريري”، لتسهيل حصول المرضى على العلاج في أقرب وقت، حسبما أعلنت لجنة الصحة الصينية في حينه، والتي أكدت أن التشخيص المبكر ساهم بتسريع إجراء الحجر الصحي للحالات المصابة، وتقديم العلاج للحد من تدهور الوضع الصحي للكثير منها وتماثلها للشفاء.
الحجر الصحي السليم
تأكدت فكرة إنشاء مستشفيات ميدانية ومراكز صحية مؤقتة، بعد فشل تجربة الحجر المنزلي، حيث اكتشفت الطواقم الطبية أن حالات كبيرة من المشتبه بهم نقلوا العدوى إلى أفراد أسرهم، حسبما ذكر الوعري.
يوضح أن السلطات أنشأت نوعين من المستشفيات، أحدها لاستقبال الأشخاص الذين تأكدت إصابتهم، لعزلهم جماعيا، والأخرى مراكز للأشخاص المشتبه بإصابتهم، يعزل كل فرد في غرفة، تضم حماما مستقلا، تحت المراقبة الطبية لمدة 14 يوما.
وتكفلت لجان شعبية، تضم أطباء، بفحص درجات الحرارة لكل سكان مدينة ووهان في بيوتهم، ونقل كل من يعاني من الحمَّى إلى أماكن العزل الصحي الاحترازي “ولو كان ذلك بشكل قسري”، ويؤكد الوعري الذي كان شاهدا على هذه الإجراءات، أنها أعطت نتائج ايجابية “وصلت إلى الزيادة الصفرية التي تم تسجيلها”.
وفي معرض حديثه ، يشير الوعري إلى أن الدول التي لا تستطيع تطبيق التجربة الصينية باستحداث أماكن خاصة للعزل الصحي الاحترازي، يمكنها اتباع طريقة الحجر المنزلي مع ضمان عدم خروج المحجور عليهم من غرفهم الخاصة، وضمان استخدامهم لمراحيض منفصلة عن استخدام باقي أفراد الأسرة، وأدوات خاصة.
التجارب السريرية
بينما يواصل العلماء أبحاثهم في محاولة للتوصل إلى علاج لفيروس كورونا، يخوض الأطباء تجارب سريرية تعتمد على عقاقير موجودة سابقا.
وحسب الطبيب الوعري، فإنه من خلال دراسة الفيروس وصفاته تم تحديد ثلاثة أنواع من الأدوية في التجارب السريرية، وأعطت نتائج ايجابية. هذه الأدوية هي دواء كان يعالج فيروس إيبولا، ودواء للإنفلونزا، ودواء مضاد لفيروس الايدز.
وأوضح الطبيب الوعري أن الآمال معلقة أيضا على مضاد الملاريا “الكلوروكوين” الذي كان موجودا منذ عشرات السنين، حيث تجري دراسته سريريا على المرضى فيما يتعلق بمرض “كوفيد 19” لتحديد الجرعات المحددة التي تختلف عن جرعات علاج الملاريا.
يختم الطبيب الوعري حديثه للجزيرة نت بأن الطواقم الطبية الصينية عملت على تجارب عدة منذ بدء انتشار الفيروس، وحققت نتائج “مبهرة” بخصوص حالات الشفاء، دون وجود لقاح أو دواء محدد للمرض.