سكب الزيت المغلي على زوجته حتى الموت.. جريمة تقلب مواجع العنف الزوجي وتفضح صمت المجتمع

في واقعة صادمة أعادت إلى الواجهة سؤال الحماية القانونية للنساء المعنفات، كشفت مصادر مطلعة أن مصالح الضابطة القضائية بولاية أمن طنجة انتهت من تحقيقاتها بخصوص جريمة قتل مروعة، راحت ضحيتها سيدة ثلاثينية بحي العوامة، بعدما أقدم زوجها على سكب زيت مغلي فوق جسدها، في مشهد وحشي أثار استياءً واسعاً وسط الرأي العام المحلي والوطني.
و من تفاصيل الجريمة ، حيث كانت الضحية تقيم رفقة زوجها في شقة مفروشة استأجراها حديثاً. ووفق المعطيات، فإن العلاقة بين الطرفين كانت متوترة بشدة، بسبب خلافات مالية متراكمة، أبرزها عدم أداء الزوج سوى جزء بسيط من مستحقات كراء الشقة، رغم تلقيه دعماً مالياً من زوجته.
صاحب الشقة، الذي لاحظ عدم توصله بكامل المبلغ، توجه مباشرة إلى المسكن، ليجد الزوجة بمفردها، ويخبرها بالأمر، ما دفعها إلى مواجهة زوجها بعد عودته. التوتر بلغ ذروته، ليتطور لاحقاً إلى حادثة أكثر تطرفاً، حين قرر الزوج السفر إلى الدار البيضاء، ثم استدعى زوجته للحاق به، قبل أن يسرق هاتفها ويتركها وابنهما في الشارع العام، وفق إفادة مقربين من الضحية.
الضحية، التي تمكنت من العودة إلى طنجة بمساعدة مالية من أسرتها، كانت قد أخبرت أقاربها بنيتها مغادرة الزوج والعودة إلى بيت العائلة نهائياً، وهو ما يبدو أنه أغضب الجاني الذي كان يتنصت على مكالمتها من داخل الشقة. وفي لحظة غدر، انتظر حلول الليل حتى خلدت إلى النوم، ليسكب على جسدها زيتاً مغلياً تسبب في حروق عميقة من الدرجة الثالثة.
رغم تدخل فرق الوقاية المدنية التي هرعت إلى المكان فور الإبلاغ، ورغم جهود الطاقم الطبي بالمستشفى الجهوي محمد الخامس بطنجة، إلا أن الضحية لفظت أنفاسها متأثرة بإصابتها البليغة.
وتمكنت المصالح الأمنية من توقيف الجاني، الذي وُضع رهن تدابير الحراسة النظرية بأمر من النيابة العامة المختصة، في انتظار عرضه على العدالة.
ليست هذه الجريمة سوى وجهٍ متطرف من العنف الزوجي المسكوت عنه، والذي يسكن تفاصيل الحياة اليومية لعدد من الأسر المغربية. فرغم التعديلات القانونية ومحاولات الدولة توفير آليات الحماية والدعم، إلا أن العديد من النساء لا يجدن الجرأة على تقديم الشكايات، بسبب الخوف من التهديد، أو الفضيحة، أو الضغط الاجتماعي والأسري.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن نسبة كبيرة من النساء المعنفات لا يصرحن بما يتعرضن له إلا في مراحل متأخرة، أحياناً بعد فوات الأوان. وفي حالات كثيرة، كما في قضية طنجة، لا تتحرك الآليات القانونية إلا بعد أن تتحول حالة العنف إلى جريمة دموية.
ويطرح الحادث المأساوي مرة أخرى إشكالية فعالية منظومة الحماية القانونية والاجتماعية، ومدى قدرتها على التنبؤ المبكر بحالات الخطر، وإخضاع الأزواج ذوي السلوك العدواني لبرامج علاج نفسي أو مراقبة قضائية.
جريمة قتل سيدة في مقتبل العمر، حرقاً بزيت مغلي، ليست حادثاً معزولاً، بل مرآة مشروخة لحجم العنف المسكوت عنه داخل البيوت. ومع تزايد مثل هذه الجرائم، تُطرح أسئلة مؤلمة على المجتمع والدولة معاً: من يحمي النساء من الموت داخل منازلهن؟ ومتى يتحوّل العنف الزوجي إلى ملف استباقي تتعامل معه النيابة العامة والشرطة والفاعلون الاجتماعيون بمنطق الوقاية لا الانتظار؟