سياسة

الرباط تحتضن ندوة قضائية مغربية-فرنسية لتعزيز التنسيق في مواجهة الجريمة المنظمة

في خطوة تؤكد عمق الشراكة القضائية بين الرباط وباريس، احتضنت العاصمة المغربية ندوة دولية نظّمها المجلس الأعلى للسلطة القضائية بالمملكة المغربية بشراكة مع وزارة العدل الفرنسية، تمحورت حول تعزيز التعاون الثنائي في مجال مكافحة الجريمة المنظمة.

الندوة، التي شارك فيها ممثلون رفيعو المستوى من مؤسسات قضائية مغربية وفرنسية إلى جانب دول إفريقية، شكلت محطة جديدة ضمن المسار الاستراتيجي للتعاون القضائي بين البلدين، وامتداداً للتنسيق الأمني والقضائي الذي يتعمّق في ظل التحديات المتزايدة التي تفرضها شبكات الإجرام العابر للحدود.

ووفق بلاغ مشترك صادر عن المنظمين، فإن هذه المبادرة تأتي في إطار “الشراكة الاستثنائية” التي تربط المغرب وفرنسا، والتي لا تقتصر على الجانب القضائي، بل تشمل أيضاً المجالات الأمنية والاقتصادية، وتعكس إرادة سياسية قوية لمواجهة التحديات المتنامية المرتبطة بالجريمة المنظمة، وعلى رأسها الاتجار غير المشروع بالمخدرات، والجريمة الاقتصادية والمالية.

وقد ركزت أشغال الندوة على تبادل التجارب وتقاسم الخبرات في ما يخص الآليات القانونية، والتقنيات الحديثة للتحقيق والتتبع، وسبل تعزيز التعاون القضائي عبر الحدود، بما يضمن محاصرة الشبكات الإجرامية العابرة للدول، التي أصبحت تعتمد على وسائل تكنولوجية متطورة وهيكلة مالية معقدة.

كما تم خلال اللقاء التأكيد على أن الجريمة المنظمة لم تعد شأناً محلياً أو ظرفياً، بل باتت تمثل تهديداً ممنهجاً للأمن والاستقرار الوطني والدولي، وهو ما يتطلب، حسب المشاركين، تعميق التشبيك المؤسساتي بين الأجهزة القضائية وتعزيز الثقة المتبادلة لتسريع تبادل المعلومات وتنفيذ الإنابات القضائية بكفاءة أكبر.

ويُعد تنظيم هذه الندوة في المغرب إشارة واضحة إلى المكانة التي بات يحتلها القضاء المغربي كشريك موثوق به على الصعيد الدولي، وخصوصاً في القضايا ذات البعد العابر للحدود، حيث راكمت المملكة تجربة معتبرة في التصدي لشبكات التهريب، وتبييض الأموال، والتعاون الأمني مع شركاء استراتيجيين في أوروبا وإفريقيا.

من جهة أخرى، تمثل مشاركة دول إفريقية في أشغال الندوة بعداً إقليمياً إضافياً يعكس رؤية المغرب لتعزيز التنسيق جنوب-جنوب في مواجهة التحديات الأمنية والقضائية، لا سيما في ظل التحولات الجيوسياسية والقانونية التي تشهدها القارة الإفريقية.

في المحصلة، تعكس هذه الندوة المشتركة تحول التعاون القضائي بين المغرب وفرنسا من مجرّد تنسيق ظرفي إلى شراكة مؤسساتية دائمة، عنوانها الأساسي: مواجهة الجريمة المنظمة بمنطق مشترك، ومنهجيات فعالة، وإرادة لا تساوم في الدفاع عن العدالة والأمن.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى