ثقافة

التعليم بالمغرب على المحك: تخفيض حصص التدريس يكشف هشاشة السياسات وفشل مدارس الريادة

مع انطلاق الموسم الدراسي الجديد 2025/2026، كشفت عدة مؤسسات تعليمية ابتدائية، خاصة بمديرية سلا التابعة لجهة الرباط–سلا–القنيطرة، عن تخفيض الغلاف الزمني المخصص للتدريس، في خطوة تثير التساؤلات حول جدوى السياسات التعليمية المعتمدة وقدرة وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة على ضمان حق التلاميذ في الحصول على تعليم متكامل ومتوازن.

خفض الغلاف الزمني للتدريس يضر بحق التلاميذ في استيفاء الحصص الدراسية المحددة قانونياً، ويضعف المصلحة الفضلى للتلميذ، كما يطرح علامات استفهام كبيرة حول جدوى التخطيط التربوي على مستوى المديريات الإقليمية. الخطوة، التي شملت مدارس ابتدائية في مناطق حضرية مكتظة، تظهر أن الوزارة لم تتخذ بعد التدابير الكفيلة بضمان حقوق المتعلمين وتحقيق الجودة التعليمية المنشودة.

الواقع الميداني يعكس أزمة أعمق من مجرد تقليص ساعات التدريس. فالاكتظاظ في عدد كبير من المؤسسات، خصوصاً بالمجال الحضري، يضاعف الضغط على التلاميذ والأساتذة، ويؤثر على جودة التعليم بشكل مباشر. وفي هذا الإطار، تتكشف بوادر فشل مشاريع “مدارس الريادة” التي كان يفترض أن تخفف من حدة الاكتظاظ وتوفر تعليماً أفضل. هذه المدارس لم تحقق بعد أهدافها المرجوة، تاركة آلاف التلاميذ في بيئات مكتظة تفتقر للموارد الضرورية.

تظهر السياسات التعليمية الحالية هشاشة في التخطيط وغياب المتابعة الميدانية الكافية، ما يعكس ضعف القدرة على الاستجابة للحاجيات الحقيقية للمتعلمين. تخفيض ساعات التدريس في مؤسسات حضرية مكتظة يفضح خللاً تنظيمياً وإدارياً كبيراً، ويضع علامات استفهام حول جدوى البرامج والمذكرات الصادرة عن الوزارة لضمان حق التلاميذ في التعلم الكامل.

تقليص الحصص الدراسية لا يؤثر فقط على مستوى التعليم، بل يمتد أثره إلى الأسرة والمجتمع. فالضغط على التلاميذ يضاعف الحاجة إلى الدروس الخصوصية، مما يزيد العبء المالي على الأسر ويكرس الفوارق الاجتماعية. كما أن المعلمين يعانون ضغوطاً متزايدة بسبب الاكتظاظ والجدول الزمني المختزل، ما ينعكس سلباً على أدائهم وجودة التعليم المقدم.

بينما تتواصل محاولات وزارة التربية الوطنية تلميع صورة التعليم وإطلاق مشاريع هيكلية، فإن تخفيض ساعات التدريس، الاكتظاظ المستمر، وفشل مدارس الريادة تكشف هشاشة المنظومة، وتطرح سؤالاً جوهرياً حول قدرة الوزارة على حماية حقوق التلاميذ وضمان جودة التعليم. إنقاذ التعليم المغربي يتطلب إعادة النظر في السياسات، تعزيز المتابعة الميدانية، وتسريع التدخل لمعالجة اختلالات المؤسسات التعليمية قبل أن تتفاقم الأزمة وتصبح غير قابلة للإصلاح.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى