مجتمع

“مواسم التبوريدة” تُشعل غضب الشارع ومراقبة الحسابات بجهة فاس مكناس: تبذير وركوب انتخابي؟

في خضم أجواء الاحتفال بالأعياد الوطنية، تسارع جماعات ترابية بجهة فاس مكناس الزمن لتنظيم مهرجانات ومواسم تبوريدة وفعاليات ترفيهية تحت غطاء “الاحتفال والتنشيط الثقافي”، غير أن هذه التحركات أصبحت تثير الريبة في أوساط متتبعي الشأن المحلي، مع اقتراب موعد الانتخابات الجماعية والتشريعية المقبلة.

مصادر مطلعة أكدت أن لجان التفتيش التابعة للمجلس الجهوي للحسابات بجهة فاس مكناس شرعت في التدقيق في كيفية تدبير ميزانيات ضخمة رُصدت لأنشطة تنشيطية خلال الأشهر الماضية، وسط شكوك قوية بشأن محاولات “ركوب سياسي” على هذه المناسبات من طرف بعض المنتخبين للاستفادة من أجواء التعبئة والترويج الانتخابي المبكر.

وحسب المعطيات المتوفرة، فإن هذه اللجان فتحت تحقيقات موسعة في صفقات وسندات طلب مرتبطة بتنظيم مهرجانات وسهرات تم تبريرها تحت بند “تنشيط القرب” المنصوص عليه في القانون التنظيمي رقم 14-113، في وقت تعاني فيه جماعات قروية وحضرية في الجهة من خصاص تنموي كبير، وغياب مشاريع حيوية تمس واقع المواطنين اليومي.

التقارير التي بلغت الجهات الرقابية أبانت عن نمط متكرر من الاستفادة، حيث تسيطر مقاولات معينة، بعضها مرتبط بعلاقات عائلية أو مصالح مباشرة مع مسؤولين منتخبين وموظفين، على أغلب الصفقات المتعلقة بالمجال الثقافي والفني والرياضي، مستغلة ضعف المراقبة السابقة وغياب الشفافية.

الخطير، وفق نفس المصادر، هو استغلال بعض المنتخبين هذه الأنشطة كوسيلة غير مباشرة للدعاية السياسية أو لكسب ولاءات انتخابية مبكرة، عبر تنظيم مواسم تبوريدة و”حفلات فنية” بتمويل عمومي ضخم، دون أن تكون لها جدوى حقيقية أو مردود ثقافي واضح. كما لوحظت تحركات لمقاولات صغيرة تم إنشاؤها حديثاً، يسيرها أقارب لمسؤولين جماعيين، بهدف الظفر بعقود وصفقات هذه المناسبات، وهو ما زاد من حدة الشبهات حول تضارب المصالح و”توزيع الغنيمة”.

تزامنًا مع ذلك، باشرت أقسام “الشؤون الداخلية” بمستويات مختلفة، رصد معطيات حساسة تفيد وجود شبهات استغلال مهرجانات الفروسية “التبوريدة” لتأطير حملات انتخابية غير معلنة، والترويج لأسماء بعينها تحاول تغيير انتماءاتها الحزبية، أو تسعى لتقوية حظوظها داخل تشكيلاتها السياسية الحالية.

وفي الوقت الذي تتحدث فيه بعض الجماعات عن “تنشيط ثقافي لفائدة الساكنة”، تكشف الوقائع أن العديد من تلك التظاهرات تفتقر لأي مضمون هادف، وتتحول إلى مجرد آلية لصرف المال العام، في ظل غياب مؤشرات واضحة على تحقيق التنمية أو تحسين عيش السكان.

هذا الوضع ينذر بتصعيد على مستوى المحاسبة، خصوصًا مع قرب الانتخابات، حيث ينتظر أن تتوسع مهام الرقابة لتشمل جماعات جديدة، كما يرجح أن تُفتح تحقيقات قضائية في حال تم التأكد من وجود شبهات تبذير أو تلاعب بالمال العام.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى