قبضة القانون تشتد على “وحوش” السوشيال ميديا: جريمة رقمية بشعة تفضح وباء التحريض وتستدعي أقصى العقوبات!

في مدينة النخيل الهادئة، تتكشف فصول جريمة بشعة تعيد إلى الأذهان وحشية الماضي، لكن هذه المرة، تتخذ من الفضاء الرقمي ساحة جديدة لبث سموم العنف والتشهير. فتاة في ريعان الشباب، لكن بسجل إجرامي أسود، تعود لتطل برأسها من جديد، لا لترتكب فعلًا ماديًا فحسب، بل لتتباهى بجرمها السابق وتحرض على المزيد من العنف عبر منصات التواصل الاجتماعي، متحدية بذلك القانون والمجتمع وكل القيم الإنسانية.
لم يكن الاعتداء الجسدي البليغ بالسلاح الأبيض على وجه ضحيتها قبل سنتين مجرد حادث عابر في حياة هذه الشابة البالغة من العمر 19 عامًا. بل كان فصلًا دمويًا في قصة يبدو أنها لم تنتهِ بعد. فبدل أن تطوي صفحة الماضي وتخضع لسلطة القانون التي قضت بعقوبتها الحبسية، اختارت الجانية طريقًا أكثر خطورة وخبثًا: استغلال قوة العالم الرقمي لبث الكراهية والتشهير، والتباهي بجرمها السابق في تحدٍ سافر لمشاعر الضحية ولأبسط قواعد العدالة.
إن فعلة هذه الشابة ليست مجرد قضية جنائية فردية، بل هي مؤشر خطير على تنامي ظاهرة مقلقة: استخدام الفضاء الرقمي كمنصة للتحريض على العنف والتشهير والإفلات من العقاب. فبدل أن يكون هذا الفضاء أداة للتواصل الإيجابي وتبادل المعرفة، يتحول في أيدي البعض إلى بؤرة لتصدير الكراهية ونشر ثقافة العنف، مستغلين بذلك سهولة الوصول إلى الجمهور الواسع وإمكانية الاختفاء خلف شاشات الهواتف والحواسيب.
إن التباهي بالجريمة السابقة والتحريض على تكرارها عبر الإنترنت يمثل استهانة صارخة بسيادة القانون واستهزاء بمشاعر الضحية والمجتمع بأسره. إنه تجاوز لكل الخطوط الحمراء، ويستدعي وقفة حازمة من قبل الأجهزة الأمنية والقضائية والمجتمع المدني.
تحية إجلال وتقدير لسرعة تعامل المصلحة الولائية للشرطة القضائية بمراكش مع هذه القضية، وفتح تحقيق قضائي معمق تحت إشراف النيابة العامة المختصة. إن توقيف المشتبه فيها وحجز الدعامة الرقمية التي تحمل آثارًا لهذه الجرائم الرقمية هو خطوة أولى ضرورية، لكنها غير كافية.
إن هذه القضية تستدعي من القضاء المغربي أن يكون على قدر المسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقه. يجب أن تكون العقوبات في مثل هذه الجرائم رادعة وقاسية بعد تسجيل حالة العود مقرونة بالتلبس، تبعث برسالة واضحة إلى كل من تسول له نفسه استغلال الفضاء الرقمي لنشر الكراهية والعنف والتشهير. يجب أن يعلم هؤلاء “الوحوش الرقميون” أن القانون سيلاحقهم أينما كانوا، وأن جرائمهم لن تمر مرور الكرام.
إن التهاون مع مثل هذه الظواهر الاجتماعية الخطيرة سيفتح الباب أمام المزيد من الانتهاكات وتكريس ثقافة العنف والإفلات من العقاب في مجتمعنا. لذلك، فإن هذه القضية هي بمثابة اختبار حقيقي لقدرة مؤسساتنا على حماية المجتمع من سموم التحريض الرقمي وضمان الأمن النفسي والاجتماعي لأفراده.
إننا اليوم أمام مسؤولية جماعية تتجاوز حدود القضية الفردية. يجب على المؤسسات التعليمية والإعلامية والمجتمع المدني أن تضطلع بدورها في توعية الشباب بمخاطر الاستخدام السلبي للإنترنت وتعزيز القيم الأخلاقية والقانونية. كما يجب تكثيف الجهود لمراقبة المحتويات الرقمية المشبوهة والتعامل معها بحزم وسرعة.
إن جريمة مراكش ليست مجرد خبر عابر، بل هي صرخة إنذار تدق ناقوس الخطر بشأن تنامي ثقافة العنف الرقمي. إنها دعوة ملحة إلى تضافر الجهود وتغليظ العقوبات لوضع حد لهذه الظاهرة الخطيرة وحماية مجتمعنا، وخاصة الأجيال الصاعدة، من سموم الكراهية والعنف التي تبث عبر الفضاء الرقمي. لقد آن الأوان لأن يدرك هؤلاء المجرمون أن قوة القانون أقوى بكثير من وهم الإفلات الذي يمنحه لهم العالم الافتراضي.






