العدالة تنتصر لخديجة “مولات 88 غرزة”: السجن سنتان ونصف لمعتديها بعد ضجة الرأي العام

في خطوة أعادت بعض الثقة إلى الضحية ، أصدرت محكمة الاستئناف بالقنيطرة، يوم الجمعة 13 يونيو 2025، حكما قضى بإدانة المتهم في قضية الاعتداء الجسدي الشنيع على الشابة خديجة، المعروفة إعلاميا بلقب “مولات 88 غرزة”، بالسجن النافذ لمدة سنتين ونصف، مع إلزامه بأداء تعويض مدني قدره 200 ألف درهم لفائدة الضحية.
من حكم خفيف إلى انتفاضة قضائية
هذا الحكم الجديد جاء بعد موجة سخط واسعة اجتاحت منصات التواصل الاجتماعي عقب صدور الحكم الابتدائي عن المحكمة بمشرع بلقصيري، والذي لم يتجاوز شهرين حبسا نافذا وغرامة مالية رمزية لا تتجاوز 300 درهم، وهو ما اعتبره العديد من النشطاء “صفعة للعدالة” و”إهانة لمعاناة ضحية عنف مروّع”.
ظهور خديجة في فيديوهات مؤثرة، وهي تروي تفاصيل الاعتداء الذي كاد أن يودي بحياتها، أثار موجة تعاطف كبيرة. وقد خاطبت العدالة والشارع المغربي بدموعها ووجعها، ووصفت الحكم الابتدائي بـ”المخفف” و”غير المنصف”، ما حفّز حملة تضامن واسعة ونداءات لمراجعة الحكم.
تفاصيل الواقعة: جريمة عنف لا يمكن تبريرها
تعود فصول الجريمة إلى تعرض خديجة، وهي شابة عشرينية من جماعة دار الكداري، لاعتداء وحشي بواسطة سلاح أبيض استهدف وجهها، ما خلف لها جروحًا غائرة تطلبت 88 غرزة لخياطتها، وشهادة طبية بعجز بلغ 35 يوما. بحسب مصادر قريبة من التحقيق، فإن الاعتداء لم يكن وليد لحظة غضب عابر، بل اتسم بعنف انتقامي ممنهج، ما يُعزز فرضية القصد الإجرامي.
وقد تمكنت عناصر الدرك الملكي، بعد تلقيها الشكاية، من توقيف الجاني في ظرف وجيز، وهو ما أتاح فتح ملف القضية أمام أنظار القضاء، الذي بدا في مرحلته الابتدائية وكأنه لم يُقدّر فداحة الجريمة بما يكفي.
قراءة قانونية واجتماعية للحكم
الحكم الاستئنافي الجديد يعكس – بحسب مختصين في الشأن القانوني – توجها متزايدا نحو تشديد العقوبات في قضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، خاصة حين يتعلق الأمر بإصابات جسدية خطيرة وضرر نفسي دائم. كما يؤشر هذا الحكم إلى أهمية ضغط الرأي العام في الدفع بالمؤسسات القضائية نحو مراجعة بعض الاجتهادات التي تُوصف أحيانا بـ”المتساهلة”.
وفي تعليقها على الحكم الجديد، قالت محامية الضحية إن “القرار يُعد انتصارا معنويا لخديجة ولكل ضحايا العنف في المغرب”، معتبرة أن “القضاء أنصف العدالة هذه المرة، ولو بعد ضغوط مجتمعية واسعة”.
هل ستشكل القضية منعطفا في قضايا العنف ضد النساء؟
قضية خديجة، وما أثارته من نقاشات حول العدالة الجنائية وحماية الضحايا، قد تتحول إلى لحظة مفصلية في مسار معالجة قضايا العنف ضد النساء بالمغرب. حيث طالب العديد من الجمعيات النسائية والحقوقية بإعادة النظر في الترسانة القانونية المتعلقة بحماية الضحايا، وتوفير آليات أسرع وأشد ردعا في التعاطي مع هذا النوع من الجرائم.
في نهاية المطاف، أعادت خديجة، من خلال معاناتها وشجاعتها، فتح ملف مسكوت عنه، ودفعت القضاء إلى أن ينطق بحكم أكثر عدالة وإنصافا. ورغم أن الجراح لا تُمحى، فإن رسالة العدالة هذه المرة وصلت أوضح وأقوى.