ثقافة

من مدينة صفرو….الى أين؟؟

من مدينة صفرو إلى… أين؟

هلوسات و حنين :
صبرٌ طال… و طال لطوله الألم… و أفقٌ سواده انتصر لعتمة قلوب ساسة النّفع المصلجيّة المتربّصين شرًّا بمستقبل ساكنة برمّتها… ألمٌ و حزنٌ و تيهٌ و ملل… لا بقعة ضوء تبشّرُ بنهاية النفق…
صفرو… هي التّاريخ حين يجسَّدُ مادّةً في الوجود… هي الجمال لغةً… و اصطلاحاً باتفاق كلِّ العالِمين بحالها سلفاً و العارفين بها منذ الأزل… هي المدينة الشامخة بتاريخها الضارب في جذور الزمن… هي الرائعة ببساطة شعابها و المعقّدة بحجم مشاكلها التي تراكمت كنفايات مطرح المدينة الذي يحوي في جوفه تاريخا من بؤس التدبير السياسي الذي صار جزءً مضافا لمادّة “اليكسيفيا” التي غمرت فرشة الماء و كذا أمعاء سكان المدينة”…
صفرو… قطعة من جنّة الدنيا… صارت كثلة سوداء كئيبة قابعة في الظلام… أهوَ الفساد فَعَلَهَا…؟؟ أم هي الأقدار تصرّفَتْ و صار لفعلها أثرُ ما نراه اليوم و ما قد جرى…؟؟ !!
هي الحياة هنا كما ترى كئيبة… مدينتنا صارت مُستأجرة ، و مرافقها صارت أصولاً تُكتَرى…
شلاّلُ المدينة باتَ حِكرًا على ذوي النفوذ ومنتجعاً خاصًّا و مياهُ الله تُزَيّنهُ… فعادَ زائرُ المرفق غريباً في مدينته، يعطي الإتاوة مُجْبَراً و الخوف عاصفٌ بفُؤادِهِ…
ما عادت الحياة كما كانت و كلّ جميلٍ في المدينة تبخّر… فشل ساسة البؤس.. تجّار المآسي.. بات “علامة مسجّلة” في سوق الكذب و براعة نقض العهود…
صفرو كانت عظيمة بجغرافيتها التي فقدت ملامحها بمخالب جرّافات مقالع الرّمال التي استنزفت ثروتها الغابوية و خرّبت فرشتها المائية و لوّثت هواءها و غيرت فوق رؤوس الساكنة لون السّماء…
واد أگاي… أسطورة صفرو الذي لم تنضب ينابيعه منذ الأزل… شريان المدينة و نِيلُهَا الذي لم يلق من المسؤولين ما لقيه نيلُ مصر من الفراعنة… نعمة من نعم الله لم تجد لها ساسةً من الحامدين… كنزٌ يضيع وسط كمٍّ هائل من غباء التدبير و غياب الحنكة في التسيير… وادٍ كان ليصنع المعجزات لو وجد من يتفاعل و مجراه… جوهرة تمَّ دفنها تحت ركام الأنانيّة المؤسَّسَة و الرّغبة الزّائدة في إقبار مفاتن المدينة و إتلاف مقدّراتها توسيعا لدائرة الأطماع الفردية و الإكتفاء بما لحقته أدرع النهب خشية انتهاء عدّاد المسؤولية… مصلحة الفرد و القبيلة في قاموسهم السياسي أولى من مصلحة الجماعة و مستقبل المدينة…
صفرو… حاضنة البطالة الأولى بالجهة والإقليم!!
فرص الشغل منعدمة كانعدام ضمائر المسؤولين هنا…
رغم ما تمتلكه المدينة من مؤهلات بيئية و أخرى إستراتيجية بحكم موقعها جغرافيا داخل الإقليم و الجهة، إلا أنها لم ترقى إلى مستوى الجذب الاستثماري و السياحي لا لسبب إلاّ أنَّ فشل التدبير و انعدام الغيرة كان عنوانا بارزا على يافطات المتناوبين على تسيير المدينة منذ عقود خلت و إلى اليوم…
أفواج هائلة من خرّيجي الماهد و مراكز التكوين يتوافدون كل سنة جدُدًا ليلتحقوا بركب سابقيهم من المعطلين سائلين حظهم اللعين و لسان حالهم يقول : ما بالنا جئنا هنا ؟ ما بال أهالينا اختاروا لنا هذه الرقعة دون غيرها ؟ أبَلَغت بهم ذروة الارتباط بالمكان إلى التنازل عن حقهم و حقنا في الحصول على فرصٍ أكثر كغيرنا لتطوير ذواتنا و العيش بكرامة دون السعي خلفها خارج حدود المدينة ؟؟؟أم هي السياسات الفاشلة التي مورست في حق المدينة و تراكمت بؤساً أخلاقيا بات يتوارثه كل الوافدين على قمرة القيادة بدار القايد عمر؟؟؟… كثرت التساؤلات و الإجابة واحدة… صفرو حاضنة للبطالة بحق… !!!
صفرو أرض خصبة للتسيُّب السياسي… كوبايُ تجاربٍ لِجُدُد السَّاسة، حديثي اللوائح الانتخابية و كذا محظوظي القاسم الانتخابي الذي فتح هو الآخر الباب أمام مساهمين جدد في تكريس الأزمة على خطا سابقيهم…
من أسُسِ الاستقرارِ برقعة جغرافية ما وسط هذا الكون الفسيح… ضمانُ ما يلزم من الاحتياجات و الضروريات لاستمرار الحياة بها… و من أولويات الاحتياجات و الضروريات تلك : توفر ما يضمن الحق في الصحة الجيدة في ما يخص نقاء البيئة وصفائها و جودة التطبيب و كذلك الحق في التعليم و السكن و الشغل، هذا الأخير (الشغل) يبقى هاجسه مرافقا لبال كل الأسر و العائلات بالمدينة هنا ، كونه السبيل الوحيد لتحقيق سابقيه من الحقوق في حال عدم توفرها مجانا أو بشروط مبسطة كما هو حالنا بالوطن…
الشغل هو الضامن لكرامة الفرد داخل محيطه و هو الوسيلة الأنجع لتطور المجتمع و نقله اقتصاديا و سياسيا إلى مراحل متقدمة تساهم في بناء صرح الوطن و تقوية بنيانه و كيانه بين بقية الأمم … و لضمان هذا الحق داخل المجتمعات عملت الشعوب منذ الأزل على اختيار ساسة في مستوى تطلعاتهم قادرين على تدبير شؤونهم و التي هي بمثابة خارطة طريق لمستقبلهم و الأجيال القادمة من بعدهم… و في عالم السياسة هذا ..هناك من السياسيين من تفرض عليهم مناصب المسؤولية … إما أن يتم اقتراحهم من طرف جموع الجماهير سعيا وراء الاستفادة من تجاربهم الإيجابية في التدبير أو نظرا لخبرتهم التقنية في مجالٍ ماَ ليساهم في خدمة الصالح العام، و هذا الصنف من الساسة لا تقع عليه لومت فشله في نفوس الناس بشكل كبير لكونه نتاج اختيار جماعي وقع عليه و هو أمرٌ وُكِلَ إليهِ و لم يطلبه… أمّا الصنف الثاني من الساسة و هو ذاك الذي يُرَشِّحُ نفسه لخدمة الصالح العام ، و يُوَظِّفُ جميع الوسائل و السُّبل المتاحة، شرعيةً كانت أو غير ذلك ، كتوظيف المال للتّغرير بالناخبين و استقطابهم و كذا إعطاء العهود بتقديم بعض الخدمات الشخصية لبعض المؤثرين الانتخابيين سماسرة للانتخابات كتراخيص غيرها اذا ما صار داخل قمرة التسيير ، وقد يصل الحال يبعضهم إلى إعطاء ضمانات بنكية (شيكات) لبعض لمنافسيهم لكولسة المشهد و تسويته … كل هذا… ِلتَقَلُّدِ منصب مسؤولية تطوُّعاً لإدارة شؤون العامة … فتجده بعدها فاغرا فاه أمام ما اصطدم به من مشاكل جمة تنتظر عاقلا يحلها…
مهرجان حب الملوك… حدثٌ يحضا باهتمام المنتخبين أكثر من اهتمامهم ببرامج التنمية المزعومة التي عملوا على التسويق لها عبر برامجهم الانتخابية البئيسة… حدثٌ هو الآخر طاله ما طاله من أذى نُهّاب المال العام أكلة حقوق البشر جياع السّحت صنّاع المآسي ساسة الخزي عباد المناصب قلوب الحجر…
مهرجان حب الملوك ، فرغ من محتواه بفراغ حقول المدينة من أشجار فاكهة الكرز… ما الفائدة من حدثٍ لا تسبقه إنجازات نحتفي بها من خلاله… ما الفائدة من حدث لا يجعلنا نفخر بمدينتنا بين زوارها؟؟؟ ما قولنا اليوم في حقها و قد أفل نجمها …
أنقول : مرحبا بكم زوار دارنا …هذه مدينتنا… و هذا تاريخها … هكذا كانت و هكذا صار حالها … مدينتنا كانت جوهرة و لكن سرعان ما ضاع بريقها… مدينتنا كانت شريان حياة لضواحيها، فصارت اليوم نقطة عبور ليس إلا …
صفرو التاريخ و التاريخ أنصف ما شهدناه منها ، كانت بالأمس سبّاقة لاسم المدينة على غرار جاراتها ، فصارت اليوم لإسم المدينة حاملة بحق… و في عيون أبنائها قرية تستنجد بقرية الأمس في كل حاجاتها …
مرحبا بكم في مهرجان الكرز …
مرحبا بكم في المدينة و أسوارها التي تخفي خلفها ما يدمي القلوب… أطلالٌ رحل أصحابها و بقيت حكاياتهم مدفونة كأسرار سِحْرٍ دُفِنَ تحت عتبات القبور…
مرحبا بكم في مدينة الكرز، حيث لا كرزَ و لا سَفَرْجَلَ و لا تمرَ و لا نَقِيرَ و لا فَتيلَ و قِطْمِير… شِيحٌ و رِيحٌ و مَقلعٌ و مطرحٌ و شَلاّلٌ مُحْتَلٌّ و مشاكل مكدّسة و وُعودٌ مُعَلّقَةٌ لسنين…

ياسين فلوس
#مهرجان_حب_الملوك
#صفرو_الى_أين
#فرص_الشغل_منعدمة_كانعدام_ضمائر_المسؤولين_هنا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى