“وزير الصحة يشعل فتيل الغضب ورئيس الحكومة يسكب الزيت على النار: من أوصل جيل Z إلى الشارع؟”

لم يعد المشهد المغربي بحاجة إلى كثير من التحليل لفهم أسباب نزول شباب جيل Z إلى شوارع مدن المملكة. الكرونولوجيا واضحة، والوقائع الأخيرة في قطاع الصحة كانت الشرارة التي حوّلت الاحتقان الصامت إلى انفجار اجتماعي.
البداية كانت من المستشفى الحسن الثاني بأكادير، حيث دوّت صرخات الغضب بعد وفاة ثماني نساء حوامل نتيجة تردّي الخدمات. في وقت كان المغاربة ينتظرون محاسبة المقصرين وإجراءات إصلاحية جدية، خرج رئيس الحكومة عزيز أخنوش بتعليماته إلى وزير الصحة الجديد، القادم من شركة تجارية، والذي يفتقد لأي تجربة سياسية أو كفاءة تدبيرية.
لكن الوزير التهراوي، بدل أن يطفئ النار، اندفع في جولات ميدانية وُصفت بالبهلوانية، متنقلاً بين أكادير والناظور والدريوش ومكناس، ليُقابل في كل محطة باحتجاجات شعبية غاضبة. الأسوأ، حين تفجّر المشهد في مستشفى محمد الخامس بمكناس، بعد أن خاطب المدير الإقليمي قائلاً: “اطلع للرباط للاحتجاج”، جملة اعتبرها الرأي العام تحريضاً صريحاً من وزير على الاحتجاج، فما الذي بقي للمواطنين؟
هفوات الوزير تكررت، وأجواء الاحتقان تضاعفت. وفي مستشفى سانية الرمل بتطوان، بلغ الغضب ذروته حين ألقى مواطنون أجسادهم على سيارة الوزير، في مشهد يلخّص فقدان الثقة في حكومة تبدو عاجزة عن إدارة أبسط الملفات.
فبينما كانت السكاكين تشحد ظهر جيل Z الذي كان ينتظر الفرصة و التقط الرسالة بسرعة: حكومة تكذب، وزير عاجز، ورئيس حكومة يقدّم معطيات واهية للشعب. وهكذا انتقلت عدوى الاحتجاجات إلى الشارع، حيث تحولت من ردود فعل غاضبة إلى مسيرات يومية، تزامنت مع دعوات من نشطاء بالخارج وصحفيين معارضين مثل عمر الراضي وأبو بكر الجامعي، الذين يسعون لتأطير الغضب في غرف دردشات مغلقة وتحويله إلى استنزاف للقوات العمومية وجذب الإعلام الدولي.
اليوم، لا يمكن إنكار أن الحكومة ورئيسها عزيز أخنوش يتحملان المسؤولية الكاملة عن إشعال فتيل الاحتجاجات. فبدل الإصلاح، فضّلا الهروب إلى الأمام، وبدل إطفاء الغضب، سكبوا الزيت على النار. وها نحن أمام مخاطر غير محسوبة، في بلد عُرف دوماً باستقراره.
المسؤولية واضحة: وزير صحة بلا كفاءة، رئيس حكومة فاقد للمصداقية، وحكومة تحوّلت إلى وقود لأزمة اجتماعية مفتوحة على كل الاحتمالات.
والحل؟ لا مجال للترقيع أو التبرير. إقالة الوزير التهراوي ومعه حكومة أخنوش باتت ضرورة وطنية، قبل أن يخرج الوضع عن السيطرة ويجرّ البلاد إلى منزلقات خطيرة.