هبّة تاريخية تهزّ فاس: ساكنة المدينة تخرج عن بكرة أبيها وتهب إلى الشوارع والزقاق المؤدية إلى المدينة القديمة

شهدت مدينة فاس، العاصمة العلمية والروحية للمملكة، مساء اليوم الخميس، حدثاً روحياً وتاريخياً بامتياز، تجسّد في موكب كسوة مولاي إدريس الأزهر السنوي، إيذاناً بافتتاح موسم مؤسس المدينة ذات 12 قرنا . وقد تميز المشهد بفيضان بشري لم تشهده ساحات المدينة منذ مدة، حيث خرجت ساكنة فاس عن بكرة أبيها، وهبت إلى الشوارع والزقاق المؤدية إلى باب بوجلود، المركز الذي انطلق منه الموكب المهيب،مما يؤكد ان إمارة المؤمنين لجلالة الملك محمد السادس هي استمرارية لتلاحم العرش و الشعب .
في باب بوجلود تحديداً، قبل لحظات من انطلاق الموكب، كانت الساحة أشبه بلوحة فنية حيّة، حيث احتشد الآلاف من المواطنين، من مختلف الفئات والأعمار، في ترقب وشغف للمشاهدة والمشاركة في هذا التقليد الذي يعود إلى قرون مضت. الموكب، الذي يحمل الكسوة الجديدة – وهي رداء مطرز بآيات قرآنية وخيوط ذهبية يُسدل على ضريح المولى إدريس الأزهر – تحول إلى كرنفال ديني وثقافي فريد.
اكتظت الطرقات بمواكب روحية أثثتها طوائف فنية تقليدية عريقة مثل عيساوة والحمادشة وكناوة، التي ألهبت الحماس وخلقت أجواء من التبتل والذكر، بينما كان أطفال المدارس القرآنية وحفدة المولى إدريس الأزهر يتقدمون المشهد في خشوع وسكينة. هذا الحضور الكثيف من الساكنة يعكس مدى الارتباط الروحي والتاريخي لأهل فاس بضريح مؤسس مدينتهم.
وقد شهد الحدث حضوراً رسمياً وازناً، على رأسه والي جهة فاس-مكناس، الذي تابع عن كثب سير فعاليات الموكب من نقطة انطلاقه. وإذ تشير بعض المعطيات إلى أن خالد الزروالي كان حاضراً في الفعاليات الرسمية، فإن هذا الحضور يؤكد العناية الخاصة التي توليها السلطات المحلية والمركزية للحفاظ على هذا التراث الروحي والمادي الأصيل.
يُشار إلى أن حفل تقديم الكسوة يُعدّ الشرارة التي تُطلق أسبوعاً كاملاً من الاحتفالات الدينية والثقافية، تتضمن لقاءات ودروساً دينية ومحاضرات تسرد سيرة المولى إدريس الأزهر وإنجازات السلاطين العلويين.