مجتمع

فاس في “مستنقع الأزبال”: 17 ملياراً لـ”ميكومار” تُغرق المدينة.. والعمدة البقالي متهم بـ”التواطؤ المريب” على الساكنة!

بعد مرور أكثر من عام على إسناد صفقة التدبير المفوض للنظافة في جزء من مدينة فاس لشركة “ميكومار”، والتي استحوذت على حصة “فاس 2” بعقد يقارب 17 مليار سنتيم، ما زالت العاصمة العلمية تعاني من تدهور كارثي في قطاعها الحيوي.

الوعود البراقة التي صاحبت المصادقة على دفتر التحملات تبخرت، وتجاوزت الشركة المدة الانتقالية المتفق عليها مع مجلس جماعة فاس، دون أن تلتزم بتنزيل الحد الأدنى من شروط العقد الجديد.

وقد عاينت مصادرنا الميدانية خصاصاً كبيراً ومُقلقاً في حاويات النفايات المنزلية على طول الشوارع الرئيسية. فعلى سبيل المثال، يضطر سكان طريق إيموزار إلى إفراغ أزبالهم في الشارع العام، مما يخلق منظراً مقززاً ومُهيناً للعابرين على هذا المحور الحيوي الذي يربط وسط المدينة بـمطار فاس سايس الدولي.

المفارقة الصارخة تكمن في أن الأحياء الراقية التي خضعت لأشغال تأهيل ضخمة استعداداً لاستضافة كأس إفريقيا 2025 والدخول في متطلبات “الفيفا” لتنظيم كأس العالم 2030، باتت تغرق في الإهمال.

هذه الشوارع و الأرصفة التي تم تجميلها وتبليطها لم تُكنس منذ أكثر من ستة أشهر! رغم الإنتهاء من عملية التجديد و التأهيل إن تماطل “ميكومار” يظهر بوضوح في:

  1. غياب الأسطول الجديد: تأخر مريب في استقدام شاحنات النفايات الحديثة المنصوص عليها في دفتر التحملات،فيما شاحنات مهترئة مازالت تتجول و تخلف ورائها وديان السموم من مادة “لاكسيفيا” و التي تنبعث منها روائح كريهة بسبب عصارة الأزبال.
  2. قلة الحاويات: توزيع عدد قليل جداً من الحاويات العادية، مع غياب شبه كامل للحاويات المخصصة للفرز أو في الأحياء ذات الكثافة العالية،وهو ما يكذب تصريحات العمدة الذي تحدث عن حاويات ذكية من الجيل الجديد.
  3. نقص الموارد البشرية: شبه انعدام لعمال وموظفي تكنيس الشوارع والأزقة داخل الأحياء، مما يحوّلها إلى نقاط سوداء دائمة،فرغم توسعة فاس و الصفقة كبرية إلا أن الشركة لم تسعى الى إضافة اليد العاملة و توزيعها بشكل متساوي على المقاطعات الأربع التي إستحوذت عليها،و لكنها تكتفي بنقل مستخدم من منطقة الى أخرى لسد الخصاص اليومي.

إن جوهر الأزمة لا يكمن فقط في تقصير الشركة، بل يتفاقم بسبب الصمت والرضا المريب لرئيس مجلس جماعة فاس، عبد السلام البقالي.

العمدة يتحمل المسؤولية الكاملة عن هذا التدهور، حيث لم يُسجَّل له أي موقف حقيقي بشأن تفعيل عملية زجر الشركات المخالفة أو الكشف عن الأسباب الحقيقية لتأخر تنزيل دفتر التحملات، الذي تمت المصادقة عليه وسط “ظروف غير عادية” أثارت الجدل حول مدى فهم المستشارين لبنوده.

لقد تحولت وعود العمدة حول “تغيير فاس في قطاع النظافة” إلى أكاذيب يفضحها المشهد اليومي البائس للمدينة. هذا التواطؤ، أو على الأقل، الغياب التام للرقابة وربط المسؤولية بالمحاسبة، يُطلق صافرة الإنذار لفتح تحقيق عاجل وشامل في الصفقات التي تدبرها جماعة فاس مع شركات التدبير المفوض.

المدينة تتدهور، والساكنة تعاني في صمت، بينما يظل المجلس الجماعي والمفوض له يغض الطرف عن خرق مكشوف للقانون، في تناقض صارخ مع طموح المغرب لاستقبال العالم. السؤال الملح اليوم هو: هل تستطيع فاس أن تخرج من “مستنقع الأزبال” قبل أن تغرق في فضيحة الاستحقاقات القارية والدولية؟

أمام هذا الوضع الكارثي، بات لزاماً على السلطات الرقابية أن تتحرك بشكل فوري وفعال. لا يمكن التغاضي عن تدهور مدينة بهذا الحجم وبصفقة تتجاوز 17 مليار سنتيم دون نتائج. يجب على ولاية جهة فاس مكناس، التي تملك الاختصاص والصلاحيات، أن تتجاوز مرحلة رفع التقارير والملاحظات الإدارية، وتشرع مباشرة في فتح تحقيق معمق مع عمدة المدينة بصفته المسؤول الأول عن المرفق. إن استمرار هذا التواطؤ المريب، أو على الأقل، الإهمال المُتعمد، يضع منظومة الحكامة كلها على المحك، ويؤكد الحاجة الماسة لربط المسؤولية بالمحاسبة فوراً لإنقاذ فاس من “مستنقع الأزبال” قبل فوات الأوان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى