فاس تفتح أبوابها لعشاق الموسيقى العالمية العريقة: إيطاليا ضيف شرف “مهرجان الانبعاثات

ابتداءً من يوم غد الجمعة، تنطلق فعاليات الدورة الثامنة والعشرين من مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة بباب المكينة التاريخي، لتستمر حتى 24 مايو 2025، تحت شعار “انبعاثات”، بمشاركة متميزة لإيطاليا كضيف شرف هذه السنة، في تظاهرة تمزج بين الفن والدبلوماسية والثقافة الروحية.
موسيقى تربط حضارات
اختيار إيطاليا هذا العام لا يأتي من فراغ، بل يرمز لعلاقة ضاربة في القدم بين مدينة فاس وفلورنسا، توّجت بتوأمة تاريخية تعود إلى عام 1961. وتسعى هذه النسخة إلى تسليط الضوء على الإرث الثقافي لعصر النهضة الإيطالية، بما تحمله من معانٍ للتجديد والتحول الفكري الذي شهدته أوروبا بين القرنين الرابع عشر والخامس عشر.
لحظة فنية نادرة
في مساء يوم 17 ماي، تحتضن منصة باب المكينة عرضاً موسيقياً فريداً يتمثل في أداء رائع لإبداع “صلاة الغروب للسيدة العذراء”، التي ألّفها الموسيقار الإيطالي كلاوديو مونتيفيردي عام 1567. العمل سيجمع بين قائد أوركسترا مهرجان مونتيفيردي بأنطونيو غريكو، ومحمد بريول قائد الأوركسترا العربية الأندلسية بفاس، في لقاء فني يجمع الشرق والغرب في تناغم صوتي نادر.
تمازج الثقافات من فاس إلى كريمونا
بفضل شراكة قوية بين مؤسسة روح فاس، والسفارة الإيطالية والمعهد الثقافي الإيطالي، تم تحقيق تلاقٍ ثقافي بين مهرجان فاس ومهرجان مونتيفيردي بمدينة كريمونا الإيطالية، وهي المدينة التي أنجبت مونتيفيردي وتحتفي كل سنة بإرثه الموسيقي الفريد، خاصة في موسيقى الباروك.
فاس وفلورنسا: تاريخ مشترك ورسالة سلام
رئيس مؤسسة روح فاس، عبد الرفيع زويتن، شدد على رمزية استضافة إيطاليا، مبرزاً أن فاس، المدينة العريقة التي تحتضن جامعة القرويين، وأختها فلورنسا، مركز النهضة الإيطالية، شكلتا على مدى قرون منارة للعلم والفن. أما السفير الإيطالي بالمغرب، أرماندو باروكو، فقد وصف المهرجان بأنه لحظة “تلاقٍ بين تقاليد موسيقية عريقة تعبر عن عشق مشترك للجمال والتسامح بين الشعوب”.
لمسات سويسرية على نغمات عصر النهضة
ضمن البرنامج كذلك، حفل موسيقي مرتقب لفرقة “زنايدة” السويسرية، يوم 21 ماي بحدائق جنان السبيل، يحيي تراث الترانيم الغريغورية بأسلوب جديد يمزج بين الأصالة والحداثة، بدعم من سفارة سويسرا بالمغرب.
بين العربية والإيطالية… حوار موسيقي راقٍ
وفي مبادرة رمزية قوية، تشارك مجموعة مهرجان مونتيفيردي إلى جانب الأركسترا العربية الأندلسية لفاس في تقديم وصلات موسيقية توحد بين اللغتين العربية والإيطالية، لتجعل من الموسيقى وسيلة للحوار بين الثقافات وتبادل القيم الإنسانية.
مهرجان فاس للموسيقى العالمية العريقة هذا العام ليس فقط مهرجاناً فنياً، بل حدثاً حضارياً يجسد روح الانفتاح والتلاقي بين الشرق والغرب، حيث الموسيقى تصبح لغة مشتركة تُعبّر عن المشترك الإنساني بكل أناقته وعمقه.