“المغرب يكتب التاريخ بمداد الوحدة”: زلزال رياضي في الرباط و”فان زون” فاس تهزم المطر بروح “خاوة خاوة”

بينما كانت جنبات مركب مولاي عبد الله بالرباط تهتز تحت أقدام أكثر من 60 ألف متفرج، وفي لحظة تجمد فيها الزمن حين ارتقى “الأسد” أيوب الكعبي ليرسم بمقصية ذهبية هدفاً ألهب المدرجات، كانت القلوب في كل شبر من تراب المملكة تخفق على إيقاع واحد. مشهد تفاعل صاحب السمو الملكي ولي العهد الأمير مولاي الحسن مع هذا الهدف، لم يكن مجرد فرحة كروية، بل كان تجسيداً لالتحام العرش بالشعب في عرس قاري استثنائي.
من الرباط إلى فاس.. الانصهار الشعبي الكبير
في الوقت الذي كان فيه الملايين يحبسون أنفاسهم خلف الشاشات في المقاهي والمنازل، اختار آلاف آخرون كتابة فصائل جديدة من الانتماء في “منصات المشجعين” (Fan Zones). هذه الفضاءات التي تحولت إلى “مختبرات للتعايش”، حيث ذابت الفوارق وانصهرت الجنسيات. في فاس، العاصمة العلمية للمملكة، لم تمنع التساقطات المطرية الغزيرة ساكنة المدينة وزوارها من الاحتشاد في منصتي “واد فاس” والمنصة المقابلة للمركب الرياضي؛ هناك، تحول المطر إلى بركة، والبرد إلى دفء إنساني أشعلته هتافات “ديما مغرب”.
“فان زون”.. سابقة إفريقية ونجاح تنظيمي مبهر
تعد تجربة “الفان زون” التي يعيشها المغرب اليوم سابقة في تاريخ الكؤوس الإفريقية، وهي النسخة التي راهنت عليها “الكاف” ونجحت في جني ثمارها حتى قبل صافرة النهاية، من خلال عائدات مالية ضخمة وتسويق عالمي غير مسبوق. في فاس، نجحت السلطات المحلية و الأمنية و مختلف الشركاء في تنظيم تدفقات البشر بذكاء واحترافية، محولةً منصات المشجعين إلى ملاعب موازية تجمع بين الفرجة الكروية والأنشطة الموازية، مما جعل من “كان المغرب 2025” نموذجاً سيُدرس في قادم الدورات.
تكسير الحروب الخفية وإحياء “خاوة خاوة”
أبعد من المستطيل الأخضر، استطاع المغرب أن يصنع “دبلوماسية الشعوب”؛ ففي منصات المشجعين، تكسرت جدران “الحروب الخفية” والتوترات المفتعلة، لتصدح الحناجر بشعار “خاوة خاوة” بين المغاربة وأشقائهم العرب والأفارقة. إنه مغرب التعايش، تلاقح الحضارات، وموطن الأديان الذي يثبت للعالم أن كرة القدم في المملكة هي رسالة سلام وحب.
شهادة “إنفانتينو”: المغرب الأفضل عالمياً
ولعل قمة الاعتراف جاءت على لسان رئيس “الفيفا” جياني إنفانتينو، الذي لم يكتفِ بالإشادة بالتنظيم، بل أعلن من قلب مركب مولاي عبد الله أن هذه النسخة هي “الأفضل في تاريخ القارة”، خاتماً كلمته بعبارة “ديما مغرب” التي رددتها معه الآلاف في مشهد تاريخي يؤكد أن المملكة باتت قطب الرحى في الرياضة العالمية.
الرؤية الملكية: خريطة طريق نحو المجد
إن هذا النجاح الباهر، وهذا الاستعداد القتالي لمدن كفاس والرباط وطنجة وغيرها، ليس وليد الصدفة، بل هو تجسيد حي للرؤية الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله. إنها الرؤية التي جعلت من الرياضة رافعة للتنمية الشاملة، ووضعت المغرب في مصاف الدول العظمى القادرة على تنظيم أكبر المحافل الدولية (مونديال 2030) بروح مغربية خالصة تمزج بين كرم الضيافة وعصرانية التجهيزات.
فاس اليوم، وهي تستقبل ضيوفها من تنزانيا ونيجيريا وتفتح أبواب منصاتها للعموم، تعلن للعالم: “هنا مغرب الحضارة.. هنا ملتقى الشعوب.. وهنا يصنع التاريخ”.






