مشروع بحيرة سايس بفاس: بين الأمل والإخفاق… كيف تحول إلى فشل اقتصادي بسبب نقص التجهيزات والمرافق؟

يعتبر مشروع بحيرة سايس التابعة لشركة فضاءات السعادة بفاس المتواجد بطريق 320 الى سيدي أحرازم من بين المشاريع السكنية التي تم الإعلان عنها بكثير من التفاؤل، واعتُبر بمثابة نقطة تحول في قطاع السكن الاقتصادي بمدينة فاس. إلا أن هذا المشروع الذي كان يطمح إلى توفير منازل للمواطنين بسعر معقول أصبح اليوم رمزًا للفشل الاقتصادي والتسويقي، وذلك بسبب جملة من المشاكل التي أفرغت المشروع من محتواه.
مشروع سكني بأمل كبير لكن…
بدأت فكرة مشروع بحيرة سايس على أنه حل مبتكر لتلبية احتياجات السكن في فاس، خاصة في ظل الطلب المتزايد على المنازل الاقتصادية التي يبتغي العديد من المواطنين الحصول عليها بأسعار معقولة. كان الهدف الأساسي هو توفير وحدات سكنية مكونة من منازل صغيرة الحجم بسعر يتناسب مع القدرة الشرائية للأسر ذات الدخل المحدود، ليصبح هذا المشروع بمثابة حل لمشكلة السكن في المدينة.
أسباب الركود: تجاذب بين الأمل والإخفاق
رغم الأمال التي كانت معلقة على المشروع، إلا أن الواقع كشف عن العديد من الصعوبات التي كانت في انتظار القاطنين المحتملين، وأدت إلى ركود كبير في مبيعات الوحدات السكنية. الأسباب متعددة ومعقدة، لكن أهمها:
-
ضعف التجهيزات والافتقار للبنية التحتية
من أكبر العوامل التي أثرت سلبًا على المشروع هو ضعف التجهيزات والبنية التحتية في المنطقة. لم يتم ربط المشروع بشبكة النقل الرئيسية بشكل جيد، وهو ما يجعل الوصول إليه صعبًا، خاصة في المناطق التي تفتقر إلى وسائل النقل العام. مما جعل حياة السكان في تلك المنطقة صعبة جدًا، حيث يجدون أنفسهم في عزلة تامة عن مركز المدينة. -
البعد عن وسط مدينة فاس
يقع مشروع بحيرة سايس بعيدًا عن وسط مدينة فاس، وهو ما يجعل من صعوبة الوصول إليه عقبة كبيرة، لا سيما بالنسبة للعائلات التي تحتاج إلى الوصول إلى مراكز العمل أو المدارس و الجامعات أو الخدمات الأساسية في المدينة. هذا البُعد يضاعف من تكلفة التنقل الغائبة، خاصة بالنسبة للأسر ذات الدخل المحدود التي لم تكن تتوقع هذا التحدي عند اختيارها للموقع. -
غياب المرافق العمومية والخدمية
يفتقر المشروع إلى المرافق الأساسية مثل المدارس، المستشفيات، والمراكز التجارية. هذا النقص في المرافق جعل الحياة اليومية للمقيمين في المشروع أقل راحة، حيث اضطر السكان للتنقل لمسافات طويلة للحصول على احتياجاتهم الأساسية. كما أن غياب الخدمات العامة و الموقع جعل المنطقة أقل جذبًا للسكان المحتملين. -
موقع قرب من مطرح للنفايات ومحطة فرز الأزبال ومحطة معالجة “مرج الزيتون”
يُعتبر قرب المشروع من مطرح للنفايات ومحطة فرز الأزبال من أكبر المشاكل البيئية التي يعاني منها سكان بحيرة سايس. الروائح الكريهة، التلوث، والمخاطر الصحية الناجمة عن قرب هذه المرافق جعلت الحياة في المنطقة غير صحية وغير مريحة. وتعتبر هذه الظروف من العوامل التي دفعت العديد من المشترين المحتملين للابتعاد عن المشروع،فضلا عن محطة “مرج “الزيتون” القريبة من المشروع و التي تقع على جانب السد التلي،تزيد من محنة المنطقة من إبنعاث روائح مخلفات زيت الزيتون.
تخفيض السعر إلى 16 مليون: هل هو حل أم مسكن للمشكلة؟
نتيجة لهذه الصعوبات، قررت الشركة المطورة للمشروع خفض أسعار الوحدات السكنية إلى 16 مليون سنتيم للمنزل الواحد، وهو تخفيض كبير مقارنة بالسعر الأصلي وهو 25 مليون للسكن الإقتصادي الذي أعلنته الدولة. ومع ذلك، لا يمكن لهذا التخفيض أن يحل المشاكل الجوهرية التي يعاني منها المشروع. فالسعر المنخفض لا يعكس فقط ضعف الطلب، بل يعكس أيضًا الواقع المؤلم للمشروع، الذي أصبح مجرد “صندوق” سكني يفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية.
فشل مشروع بحيرة سايس وتحديات السكن الاقتصادي بفاس
يُعد مشروع بحيرة سايس بفاس مثالًا على كيفية تحول الحلم إلى كابوس في مجال الإسكان الاقتصادي، عندما لا يتم التخطيط بشكل سليم أو مراعاة احتياجات السكان الفعلية. قد تكون الشركة المطورة قد نجحت في بناء المنازل، لكن غياب التخطيط الاستراتيجي فيما يتعلق بالبنية التحتية، المرافق العمومية، والوصول إلى المنطقة جعل من المشروع فشلًا اقتصاديًا كبيرًا. في النهاية، يمكن القول أن النجاح في مشاريع السكن الاقتصادي لا يعتمد فقط على السعر، بل على توفير بيئة مناسبة ومستدامة للعيش،وهو ما جعل المشروع يتحول الى كابوس منذ سنوات مضت وهو مازال يراوح نفسه بكل المساوء المحيطة به.