فشل الحكومة في التواصل مع المغاربة يشعل نار الأخبار الزائفة

شهد المغرب خلال الرمق الأخير من العام 2024 تصاعدًا في وتيرة الجدل والنقاش العام، بفعل قضيتين رئيسيتين استحوذتا على
أعقب هذه النقاشات التي تطوف الهواتف عبر واتساب وباقي التطبيقات، “زلزال من الأخبار الشائعة” ضرب في كل الاتجاهات، بعد دخول ما يسمى بـ “المؤثرين” على الخط.
وقد خبط هؤلاء “خبط عشواء” وخلقوا “نقاشات سريالية” في قضية المدونة، حولت المرأة إلى شيطان والرجل إلى ضحية، مع الإشارة إلى أن معظم المتفاعلين والساخرين هم من الشباب غير المتزوجين، وفق ما رصدت على الأقل على حسابات شخصية على فيسبوك.
إن غاية هؤلاء المؤثرين وصناع المحتوى واضحة، وهي البحث عن مزيد من النقرات، حتى لو استدعى الأمر مناقشة مواضيع بعيدة كل البعد عن الواقع.
ومعظم هؤلاء لم يقرؤوا المدونة بصيغتها المعدلة، بل ربما لم يقرؤوا حتى المدونة بصيغتها السابقة وفق تعديل يناير 2016، والتي اختفت من موقع الوزارة. وهذا الوضع يوضح أن التعامل مع قضية مصيرية وشائكة يتطلب جهودًا مضاعفة من فرق التواصل للوزارات المعنية، وليس صمتًا يفتح الباب للتأويلات في كل الاتجاهات.
وقد تكرر السيناريو نفسه مع مديرية الضرائب ووزارة المالية، فيما يخص التسوية الطوعية للضريبة لدى الأشخاص الذاتيين.
فقد أدى غياب التواصل في الوقت المناسب إلى إرباك كبير، وفتح الباب أمام المؤثرين للحديث في موضوع هم بعيدون عنه كل البعد، مستغلين جهل الناس بالقانون وبدأوا يبثون إرهابا ضريبيا، ومعلومات غير دقيقة عن تحصيل البنوك لأرقام فلكية في يومين فقط .
معظم صناع المحتوى -باستثناء قلة قليلة- لا يبحثون في الموضوع بعمق، ولا يحيطون بكل جوانبه قبل تقديم المعلومة للمشاهد أو “الناقر”.
فـ “النقر” هو المحرك الأساس لكل صناع المحتوى في العالم، بعد تنامي اقتصاد صناعة المحتوى، وجذب الانتباه لأكثر من 5 مليارات مستخدم لشبكات التواصل الاجتماعي حول العالم. وللمغاربة الرقميين نصيب من هذه الأرقام، حيث يبلغ عدد مستخدمي الشبكات الاجتماعية نحو 22 مليون مستخدم على الأقل، موزعين على 7 تطبيقات رئيسة على هواتفهم الذكية: يوتيوب، فيسبوك، تيكتوك، انستغرام، إكس/تويتر، لينكد إن، واتساب.
إننا نؤكد في هذه الزاوية مرارًا وتكرارًا على معضلة التواصل الحكومي في زمن لم يعد مقبولاً أن يرمي المسؤول بقنبلة قانونية أو تدبيرية، ثم يركن إلى الصمت.
فنحن اليوم أمام طوفان من الأخبار المزيفة والتضليل، الذي قد تستغله جهات ذات نوايا سيئة لإحداث خلل في المجتمع. فهل يستمع لنا السادة الوزراء هذه المرة؟