حرب كورونا: 5 إرشادات مهمة توصي بها منظمة الصحة العالمية أثناء الحجر الصحي لمواجهة المضاعفات النفسية
في الوقت الذي تفرض فيه العديد من الدول قيودا مشددة على حركة السكان، ويدخل عدد من الناس الحجر الصحي الضروري في زمن الوباء، تقدم منظمة الصحة العالمية مجموعة من النصائح للحفاظ على الصحة العقلية لمن يعيشون هذه الظروف الطارئة وغير المعتادة.
وقال موقع أل سي إي الفرنسي إن إجراءات تقييد حركة السكان للحد من انتشار فيروس كورونا في فرنسا قد تستمر 15 يوما على الأقل، إذا سارت على النموذج الصيني أو الإيطالي، مما يعني بقاء الشخص أسابيع في المنزل، وربما بعيدا من أحبائه، وفي حالة بطالة جزئية، وقد يتسرب إليه الملل والقلق بسرعة.
وتتوقع المؤسسات الصحية أن تكون لهذه التدابير عواقب نفسية كبيرة على المواطنين، ولذلك يقدم الموقع ترجمة لتوصيات منظمة الصحة العالمية أعدتها أستريد شيفانس، الطبيبة النفسية وطالبة دكتوراة في علم الأوبئة في باريس.
تبادل الرعاية والتواصل
دعت المنظمة السكان إلى تبادل الحماية والدعم والتضامن قبل كل شيء، لا سيما من خلال عرض وتقديم أرقام هواتفهم إلى جيرانهم وإلى الأشخاص الذين قد يحتاجون إلى مساعدة إضافية، وحثتهم على “تبادل قصص إيجابية باعثة للأمل عن الأشخاص الذين تعافوا من كوفيد-19”.
وقال الموقع إن المنظمة تحث عموما على ضرورة “التواصل مع الآخرين” حتى تجاوز هذه الأزمة، وخاصة مع الأحباء وكبار السن أو الأشخاص المعزولين الذين يجب ألا يظلوا من دون روابط اجتماعية خلال هذه اللحظة الشديدة من التوتر.
وتحذر شيفانس من أن “كبار السن الذين يعانون في بعض الأحيان من مشاكل معرفية، قد يكونون أكثر توترا أو عدوانية. ويجب التأكد من أن لديهم الأدوية اللازمة”.
ودعت الطبيبة النفسية إلى تجنب تناول الكحوليات والعقاقير ذات التأثير النفسي لأن “تلك الإستراتيجيات قد تبدو مريحة وقتيا للحد من التوتر، لكنها كارثية على المدى الطويل”، لأن النشوة التي تسببها هذه المواد عادة ما تفسح المجال لهبوط ليس من السهل تجاوزه، خاصة بالنسبة لمن لا تمكنه مغادرة المنزل، وبالتالي من الأفضل التركيز على الحوار والاسترخاء من أجل الحد من القلق.
الحفاظ على روتين يومي
وتشير توصيات منظمة الصحة العالمية إلى أنه على المرء في حالة الحجر “محاولة الحفاظ على روتين قريب من الروتين المعتاد”، كالنهوض مبكرا وارتداء الملابس وتناول الطعام في أوقات محددة ودون إفراط، مع تجنب تناول الوجبات الخفيفة طوال اليوم، لأن زيادة حصص الطعام لن تكون صحية مع انخفاض النشاط بسبب البقاء في المنزل.
وتصر شيفانس بشكل خاص على أهمية “عدم تغيير دورة النوم والاستيقاظ”، رغم الإغراء الذي قد يحصل، وأكدت أن عدم وجود التزامات في الصباح لا يعني أن نبقى مستيقظين حتى الفجر، ودعت إلى النهوض مبكرا وفتح النوافذ لإدخال أكبر قدر ممكن من الضوء إلى المنزل والحفاظ على النشاط البدني الأساسي، حتى لو كان في الداخل، لأن “البقاء على السرير ليلا ونهارا قد يؤدي إلى اضطرابات النوم أو تفاقمها”.
وأضافت الطبيبة النفسية “أن الأطفال روتينيون بشكل خاص، وقد يكون الحجر مربكا للغاية بالنسبة لهم. لذلك لا بد أن يوضع لهم جدول يشمل حصصا دراسية وأنشطة إبداعية وأوقاتا للعب مع بقية العائلة وأوقاتا أخرى للراحة، أي أن “عليك أن ترتب شيئا يشبه حياتهم اليومية، وأن تخترع روتينا جديدا بحيث يستيقظون وهم يعرفون إلى حد ما ما ينتظرهم خلال النهار وفي اليوم التالي”.
الاستماع للأطفال
وتقول شيفانس اعتمادا على توصيات منظمة الصحة العالمية، إن “الأطفال غالبا ما يبحثون في أوقات التوتر والأزمات، عن المزيد من المودة ويطلبون المزيد من والديهم، وقد يتشبثون بهم أكثر من اللازم لعدم قدرتهم على التعبير عن التوتر. ولإزالة مخاوفهم لا بد من التحدث عن الوباء بصدق وبمفردات مناسبة لأعمارهم”.
وقالت الطبيبة إنه ليس المهم إزالة مخاوف الأطفال بل “فهم ما يزعجهم، لأن مخاوفهم ليست دائما مخاوف البالغين”، فقد يشعر طفل عمره ثلاث سنوات بالحزن لرؤية متجر اللعب مغلقا، وقد يخشى طفل يبلغ من العمر ثماني سنوات أن يموت أصدقاؤه بسبب الوباء.
وأفضل حل -كما تقول التوصيات- هو التحدث عما يزعجهم واقترح حلول كالاتصال بالأصدقاء والأقارب الذين يهتمون بهم على سبيل المثال، مع تجنب فصل الأطفال عن أولئك الذين يعتنون بهم عادة، أو الاتصال الدائم بهم إذا كان فترة الانفصال طويلة.
لا تتخم نفسك بالمعلومات
وتدعو إحدى توصيات منظمة الصحة العالمية إلى “تقليل الوقت الذي يقضيه الشخص في الاستماع أو مشاهدة أو قراءة المعلومات التي تجعله يشعر بالقلق والتوتر”، كما يفضل البحث عن معلومات “عملية” على المواقع الرسمية للسلطات الوطنية أو الهيئات الدولية “لتنظيم الوضع وحماية النفس والأحباب”.
تقول شيفانس “إن التسمر أمام التلفاز لا يساعد في شيء إن لم يكن مثارا للقلق”، مشيرة إلى أنه من الأفضل الاكتفاء “بتحديث المعلومات لفترة أو اثنتين خلال اليوم”، وذلك لتجنب الشائعات والأخبار الزائفة، خاصة أن “معرفة الحقائق يمكن أن تساعد في تقليل الخوف ولكن التدفق المستمر للمعلومات يمكن أن يزعج أي شخص” حسب توصيات المنظمة.
تغيير نظرتك إلى الفيروس
وقال الموقع إن منظمة الصحة العالمية كرست الفقرتين الأوليين من توصياتها بشأن الصحة العقلية، للتحيز والأفكار الضارة التي تتهم الأشخاص المصابين بالفيروس بالمسؤولية عن الوباء.
وقالت المنظمة إن كوفيد-19 انتشر في العديد من البلدان، ولا علاقة لذلك بالعرق أو الجنسية، ودعت إلى التعاطف مع كل المتضررين في أي بلد كانوا، مشيرة إلى أن “الأشخاص المتضررين من الوباء لم يرتكبوا أي خطأ وهم بحاجة إلى دعمنا وتعاطفنا ولطفنا”.
وختمت شيفانس بأنه “من طبيعة البشر أن يبحثوا عن مذنب يحملونه المسؤولية وأن يلقوا اللوم على دول وثقافات أخرى”، مشيرة إلى أنه “من الأفضل أن يبذل الجهد في احترام التعليمات ومحاربة الفيروس”، لأن الفيروس “ليست له نية محددة، فهو يضرب الجميع ولا يهتم بالحدود”.
واعترضت منظمة الصحة العالمية عن التحدث عن المرضى باعتبارهم “حالات 19” أو “أسرة 19″، مما يؤدي إلى وصمهم وسلب إنسانيتهم، بل التحدث عنهم كأناس فقط، لأنه من المهم فصل الإنسان عن المرض”.