بنعبدالله ينتقد حكومة اخنوش و يقر بوجود أزمة سياسية و إندحار الثقة في المنتخبين
جدد محمد نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، التأكيد على وجود أزمة في الممارسة السياسية ببلادنا، وأزمة ثقة في المؤسسات المنتخبة.
وذكر الأمين العام، أول أمس السبت، خلال مهرجان خطابي نظمه حزب التقدم والاشتراكية بمدينة أزرو، تحت شعار “تخليق الحياة السياسية مدخل لتحقيق الإصلاح”، بأن دور حزب الكتاب هو التنبيه إلى أن المسار الذي يبدو عاديا على المستوى الشكلي والذي يعطي الانطباع بأن هناك وضعية تتسم بعمل حكومي وبمبادرات قائمة، وببرلمان يشتغل ويصادق على القوانين ويراقب الحكومة ويتحمل المسؤولية المنوطة به دستوريا، وبمجالس جهوية وإقليمية ومحلية تقوم بأدوارها، هو في الواقع مسار معيب. لأن كل هذه المؤسسات، يقول نبيل بنعبد الله، باستثناء الحكومة، تعرف العديد من القضايا المطروحة في الساحة والرائجة أمام القضاء وفي مقدمتها قضية ما بات يعرف ب “اسكوبار الصحراء” والتي تدل على صحة ما كان ينبه اليه حزب التقدم والاشتراكية.
وأوضح الأمين العام، أن الاستعمال الواسع لعناصر فاسدة واللجوء إليها، واتساع رقعة الفساد في المجال الانتخابي والمجال السياسي بات يشكل خطرا حقيقيا على الفضاء السياسي وعلى المؤسسات.
وذكر في السياق ذاته بما شهدته الانتخابات الأخيرة من استعمال للمال بشكل لم يسبق له مثيل وقد يقارب ما استعمل من مال في كل الانتخابات التي عرفها المغرب منذ 1976، مشيرا إلى أن الأخطر من ذلك هو أن العناصر التي استعملت هذه الأموال، ليست كما في السابق مرتبطة بالأعيان أو ببعض الوجوه المعروفة، بل هي عناصر فاسدة مرتبطة بالاتجار في جميع المحظورات والمممنوعات، وبكل ما هو سري وغير علني وغير شفاف وغير خاضع للمراقبة. فهو مرتبط، يضيف المتحدث، بعناصر لم تكن تملك أي شيء بالأمس لكنها اليوم، أصبحت تملك ثروات طائلة، دون حسيب ولا رقيب، فقط لأنه كان يتعين الحصول على أغلبية من أجل تغيير الخريطة السياسية ورسم أخرى جديدة.
وتساءل محمد نبيل بنعبد الله عن المآلات الحقيقية لهذا المسار، قائلا” هل نجن بحاجة إلى أحزاب سياسية لها امتداد شعبي حقيقي بغض النظر عن طبيعتها سواء كانت يمينية أو يسارية أو لها خلفية دينية، لكن لها امتداد حقيقي داخل المؤسسات المنتخبة بكل أنواعها أم نجعل هذه المؤسسات المنتخبة فضاء لحماية مصالح هذه الأوساط الفاسدة”، مشيرا إلى أن هذا السؤال هو الذي يتعين طرحه اليوم، دفاعا عن ثوابت الأمة وعن المؤسسات الأساسية التي بدونها لا يمكن للبلاد أن تتقدم.
وبحسب الأمين العام، فإن من واجب حزب التقدم والاشتراكية أن يقول بأن الشعب اليوم أصبح في واد والمؤسسات في واد آخر، وأن هذا الشعب بدأ يفقد الثقة في العمل السياسي وفي الأحزاب السياسية، واصفا ذلك بأخطر ما يمكن أن يقع في البلاد، ومحذرا في الوقت ذاته من الانحرافات التي عرفتها بعض البلدان والتي أدت إلى تنامي التيارات الشعبوية التي تؤسس خطابها انطلاقا من نظرة عدمية تقول بأن كل ما هو موجود غير صالح ويتعين إنشاء شيء جديد، مشيرا إلى أن مثل هذا الخطاب يمكن أن نجده في بلادنا، بل بدأ بالفعل يخترق فضاءات العالم الافتراضي.
وفي السياق ذاته، وقف الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية عند أهمية مضامين الرسالة الملكية السامية بمناسبة الذكرى 60 لقيام أول برلمان منتخب ببلادنا، بما ورد فيها من تأكيد على التحديات التي يتعين رفعها من أجل الارتقاء بالديمقراطية التمثيلية المؤسساتية والرفع من جودة النخب المنتخبة وتخليق الحياة البرلمانية وصولا إلى إقرار مدونة ملزمة للأخلاقيات في المؤسسات التشريعية، مؤكدا على انخراط حزب التقدم والاشتراكية، بقوة، في هذا التوجه، خاصة وأنه أثار الموضوع في أكثر من مرة وأكثر من مناسبة، وطالب بإصلاحات مرتبطة بالفضاء السياسي وبالقوانين المؤطرة سواء تلك المتعلقة بالأحزاب السياسية أو بالقوانين الانتخابية وغيرها والتي يتعين، بحسبه، مراجعتها من أجل تخليق العمل السياسي ومحاربة الفساد ومن أجل استقطاب العديد من الطاقات وسط الشباب والنساء العازفين عن العمل السياسي.
ودعا زعيم التقدميين المغاربة إلى العمل على معالجة أصل الموضوع بدء بمن يترشح في الانتخابات ومن الأحزاب السياسية، من أجل مصالحة الشعب مع المؤسسات المنتخبة، مشيرا إلى أن هذا التوجه هو الذي يشتغل عليه حزب التقدم والاشتراكية بتنسيق مع حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ويطمح لتوسيعه ليشمل تيارات سياسية ومجتمعية أخرى تدافع عن مسار حقوق الإنسان ومسألة المساواة والعدالة الاجتماعية بمختلف أوجهها.
إلى ذلك، دعا نبيل بنعبدالله مناضلات ومناضلي حزبه التقدم والاشتراكية بمختلف الفروع المحلية والإقليمية إلى العمل بنفس المنهجية وفي نفس الإطار لأن المعركة في نظره هي معركة جماعية تستلزم تحريك مختلف الآليات لإعادة شيء من الحياة للعمل السياسي.
كما دعا المتحدث ذاته مناضلات ومناضلي حزب الكتاب إلى مواصلة المسار النضالي الذي سار عليه الرعيل الأول من المناضلين من أجل تحقيق الهدف الذي أسس من أجله حزب التقدم والاشتراكية سنة 1943 ، من الحزب الشيوعي المغربي، مرورا بحزب التحرر والاشتراكية وصولا إلى حزب التقدم والاشتراكية في غشت 1974، مشيرا إلى أنه رغم الضربات التي تلقاها ورغم الصعاب استطاع أن يواصل الطريق، وهو اليوم يواصل المسار في ظروف تبدو انها ليست بنفس الصعوبة التي عاشها في ثمانينيات وسبعينيات القرن الماضي.