🔥 احتجاجات جيل Z بين المطالب الاجتماعية والانزلاق إلى العنف: من الخاسر؟

لم تعد الاحتجاجات التي دعا إليها جيل Z تمر في إطارها السلمي المعتاد، إذ تحولت في الساعات الأخيرة من يومها الرابع إلى مشاهد من الفوضى والعنف في عدد من المدن المغربية، حيث سجلت اعتداءات على الممتلكات العامة والخاصة، ورُصدت هجمات على سيارات الأمن وإحراقها، فضلاً عن عمليات رشق بالحجارة وتدمير منشآت. هذه التطورات الخطيرة جعلت الرأي العام يتساءل: من المستفيد من انزلاق المطالب الاجتماعية نحو العنف؟ ومن الخاسر الأكبر في معادلة الاحتجاج والتخريب؟
المؤكد أن الوطن والمواطنين معاً هم من يدفعون الثمن، فالمساحات التي يُفترض أن تُستثمر في النقاش والحوار تُهدر في المواجهات والتوتر، وهو ما يضاعف الأزمة بدل حلها. فالمقاربة التي تم تبنيها حتى الآن أبانت عن محدوديتها، بل ودفعت الأمور إلى مزيد من التصعيد. المقاربة الأمنية وحدها لا تكفي و يجب مراجعتها، كما أن الاكتفاء ببلاغات حكومية جوفاء أو خرجات إعلامية مستفزة لا يزيد الوضع إلا تعقيداً.
حكومة فقدت البوصلة
أربع سنوات من تسيير رئيس الحكومة عزيز أخنوش أبانت أن الرجل لم يستطع الإمساك بزمام الملفات الاجتماعية الكبرى، و انكشفت عورته انه لا يستطيع تأطير الشارع هو و حزبه بل تحولت خرجاته الإعلامية إلى مادة للسخرية بسبب تناقض الأرقام التي يسوقها مع واقع الشارع. فبينما يتحدث عن إنجازات في الصحة والتعليم والشغل، يكشف الواقع انهيار المستشفيات العمومية، أزمة متفاقمة في قطاع التربية، وانسداد الأفق أمام الشباب. هذا التناقض كان بمثابة الشرارة التي غذت الغضب الشعبي، خصوصاً لدى جيل Z الذي لم يعد يثق في الخطاب الرسمي.
مقاربة جديدة بعيدة عن المشاحنات
المشهد الراهن يفرض تفكيراً عاجلاً في تبني رؤية جديدة تُخرج البلاد من دائرة الاحتقان. المطلوب هو مقاربة أمنية و سياسية واجتماعية متوازنة، تضع نصب أعينها تهدئة الأوضاع من كلا الجانبين: المحتجون بضبط النفس وتفادي العنف، والحكومة بالكف عن لغة الاستعلاء والقرارات غير المحسوبة. المغرب يتسع للجميع، والمطالب الاجتماعية العادلة يجب أن تجد طريقها إلى الحلول الواقعية، لا أن تُختطف في زحمة التخريب والحرق.
قرارات شجاعة لإعادة الثقة
إن اتخاذ قرارات شجاعة لم يعد ترفاً، بل ضرورة ملحة. إقالة وزير الصحة ووزير التربية الوطنية خطوة أولى لاستعادة الثقة، خصوصاً في ظل الإخفاقات المتكررة في هذين القطاعين اللذين يشكلان عصب الحياة اليومية للمغاربة. كما أن الحكومة مطالبة بوقف خرجاتها الاستفزازية والانتقال إلى خطاب مسؤول يستحضر مصلحة الوطن قبل الحسابات السياسية الضيقة.
العنف لا يولد إلا العنف
من المؤسف أن تتحول احتجاجات مطلبية إلى مشاهد تخريب، لكن المسؤولية الأولى تقع على حكومة لم تفتح أي قناة جادة للحوار. فحين يُغلق باب النقاش، تُفتح نوافذ الفوضى. لذلك فإن تحميل الشباب وحده وزر ما يحدث غير منصف، لأن الحكومة هي من وضعت البلاد على سكة الاحتقان بتجاهلها للمطالب الاجتماعية وبتنصلها من مسؤولياتها.
المغرب يتسع للجميع
المغرب لا يمكن أن يُختزل في عجز حكومة عابرة ولا في غضب شباب محبط، بل هو بلد يتسع للجميع. المطلوب اليوم ضبط النفس، وإعادة الاعتبار لقيمة الحوار باعتباره السبيل الوحيد لتفادي انفجار أكبر. فالتاريخ علمنا أن العنف لا يبني الأوطان، بل يتركها في رماد الخراب. أما الحكومات، فمصيرها الزوال، لكن الوطن باقٍ، وأبناءه يستحقون إصلاحاً حقيقياً يليق بتضحياتهم.