وزير “الإخفاقات المتراكمة”: الممرضون يدفعون ثمن “إصلاح” التهراوي البيروقراطي

لم يعد التوتر في قطاع الصحة مجرد “احتقان عابر”، بل أصبح زلزالاً تسبب فيه قرارات وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي. فبدلاً من أن يقدم حلولاً للمشاكل “المزمنة” التي يعترف بها، وجد الممرضون أنفسهم أمام سياسة وزارية لا تقدم لهم سوى التضييق الإداري والتجاهل الممنهج لملفاتهم المطلبية الجوهرية، مما يؤكد أن الإصلاح الذي يتبناه الوزير هو في جوهره فشل إداري جديد يضرب العمود الفقري للمنظومة: الموارد البشرية.
وعود على ورق وتماطل “مهين” في المستحقات
إن صلب الأزمة مع الممرضين، وهم الفئة الأكثر احتكاكاً بالمرضى والأكثر تحملاً لضغط الخصاص، لا يكمن في غياب مطالبهم، بل في نكران الوزارة لهذه المطالب بعد أن أصبحت مُتَّفَقاً عليها.
احتجاز الترقيات والمستحقات: المصادر النقابية تتهم الوزير مباشرة بـ “احتجاز مستحقات الشغيلة التمريضية”. فكيف يُعقل أن يُرفض التأشير على ترقيات مستحقة منذ سنوات (كالترقيات المرتبطة بامتحانات الكفاءة المهنية لـ 2023 و 2024)، ويبقى “الرابيل” (الفارق المالي الناتج عن الترقية) معلقاً؟ هذا التأخير المتعمد ليس مجرد “خطأ إداري”، بل هو “إخلال سياسي” ينسف الثقة بين الوزارة والأطر الصحية.
تفكيك دون ضمانات: يترقب الممرضون تنزيل ورش المجموعات الصحية الترابية (GST)، وهم يعيشون في رعب من المساس بصفة “موظف عمومي” وتفكيك مركزية الأجور، التي يرونها خطوة لتدهور أوضاعهم المالية والقانونية، في ظل غياب أي ضمانات كتابية وواضحة من الوزارة، سوى تطمينات هشة لا ترقى لمستوى القلق المشروع.
“عقلية المراقبة” بدلاً من “سياسة التحفيز”
يرى المنتقدون أن سياسة التهراوي تحولت إلى “هاجس الضبط والعقاب”، متجاهلةً الأسباب العميقة للاحتقان:
منشورات الانضباط كـ”تخويف”: أصدر الوزير مذكرات تدعو إلى “الانضباط الصارم” ومحاربة التغيب، في محاولة لـ “إلقاء اللوم” على الممرضين والأطر. لكن هذه الصرامة لم تتجه إلى معالجة “اللامبالاة الإدارية” و**”البيروقراطية القاتلة”** داخل الوزارة نفسها التي تعرقل مستحقات الأطر وتؤجل ملفاتهم لأشهر وسنوات.
الفراغ القانوني المفتعل: تشكو النقابات من “الفراغ القانوني المفتعل” الذي يضع الممرضين في وضعيات مهنية شاذة، ويزيد من تعرضهم للمحاكمات الشخصية بسبب فشل سياسات عمومية لم يشاركوا في صياغتها، خاصة في ملفات النقل والإسعاف التي تحولت إلى “قنبلة موقوتة” يذهب ضحيتها الممرض الذي يضطر للتدخل دون حماية قانونية أو بروتوكولات علاج واضحة.
إخفاق في الحكامة وتلويح بالإضراب الشامل
لقد فشل وزير الصحة في إدارة “أزمة الثقة” التي تتزايد يوماً بعد يوم. فبدلاً من أن يكون مهندس إصلاح يثمن الموارد البشرية، تحول إلى “حاجز بيروقراطي” يقف بين الأطر وحقوقهم المشروعة.
إن تلويح النقابة المستقلة للممرضين بالتصعيد والإضرابات الوطنية الشاملة، والحديث عن أن “صبر الممرضين نفد” وأن “تماطل الحكومة لم يعد مقبولاً”، هو رسالة واضحة وفاضحة:
الوزير أمين التهراوي لا يساهم في بناء إصلاح، بل يساهم في انهيار ما تبقى من الثقة، ويدفع بيده الأطر التمريضية، التي هي عصب المستشفيات، نحو شل الحركة في القطاع العام.
على الوزارة أن تتوقف عن خطاب “الإصلاح الهيكلي” الأجوف، وأن تبدأ فوراً بالتنزيل السريع والفوري لـ “الحد الأدنى” من مطالب الممرضين، قبل أن يُجبر آلاف المرضى على دفع ثمن إخفاق حكامة وزير يرى في الضبط الإداري بديلاً عن الإنصاف المادي والمهني.






