موريتانيا تحضر في المعرض الدولي للفلاحة.. توطيد العلاقات الجهوية بين فاس-مكناس وحوض الشرق الموريتاني

في مشهد يعكس متانة العلاقات التاريخية والمتجددة بين المغرب والجمهورية الإسلامية الموريتانية، احتضن فضاء جهة فاس-مكناس بالمعرض الدولي للفلاحة بمكناس لقاءً رسميًا وودّيًا جمع بين مسؤولين من الجهتين، في خطوة تؤكد الدور الريادي الذي أصبحت تلعبه الجهات في تكريس دبلوماسية القرب والتعاون جنوب-جنوب.
وقد جرى الاستقبال بحضور عبد الحق أبو سالم، النائب الثاني لرئيس مجلس جهة فاس-مكناس، و السيد محمدو التيجاني، رئيس مجلس جهة حوض الشرق الموريتاني، الذي يقوم بزيارة عمل رسمية لجهة فاس-مكناس، بهدف تقوية روابط التعاون بين المؤسستين الجهويتين.
دبلوماسية الجهات: من التنسيق المحلي إلى التكامل الإقليمي
لم تعد الجهات مجرد وحدات ترابية لتنفيذ السياسات المركزية، بل باتت اليوم فاعلاً رئيسيًا في توسيع آفاق التعاون الدولي و تحريك قنوات الديبلوماسية الموزاية، وخاصة داخل القارة الإفريقية. ومثال التعاون بين فاس-مكناس وحوض الشرق الموريتانية يعكس هذه الدينامية الجديدة، حيث يتم الانتقال من علاقات بروتوكولية إلى شراكات ميدانية في قطاعات حيوية مثل الفلاحة، التكوين المهني، البنية التحتية، والماء.
وتكتسي جهة الحوض الشرقي أهمية استراتيجية في موريتانيا، سواء من حيث مساحتها أو مواردها الاقتصادية والبشرية، مما يمنح لهذا التعاون مع جهة فاس-مكناس بُعدًا خاصًا في سياق سعي الجانبين إلى تطوير مشاريع تنموية ذات بعد إفريقي مشترك.
في سياق الزيارة الرسمية، أجرى عبد الحق أبو سالم، نائب رئيس جهة فاس-مكناس، مباحثات موسعة مع نظيره السيد محمدو التيجاني، رئيس جهة الحوض الشرقي الموريتاني، تمحورت حول سبل تعزيز التعاون بين الجهتين في المجال الفلاحي. وقد ركّز الجانبان على أهمية بناء شراكات استراتيجية في مجالات الزراعة المستدامة، و القطيع ،وتدبير الموارد المائية، والتكوين المهني في المهن الفلاحية، مؤكدين على ضرورة إحداث مشاريع مشتركة قادرة على تحقيق التنمية القروية وخلق فرص الشغل للشباب. كما تم التطرق إلى إمكانية إرساء آلية مؤسساتية دائمة للتنسيق والتعاون، تكون بمثابة جسر للتبادل التقني والمعرفي بين الجهتين، في انسجام تام مع التوجهات الإفريقية للمغرب وموريتانيا في مجال الأمن الغذائي والتنمية المستدامة.
الحضور الإفريقي: رواق دولي ينبض بروح القارة
ما يلفت الانتباه في هذه الدورة من المعرض الدولي للفلاحة، هو الحضور الإفريقي المتميز في الرواق الدولي، حيث شاركت عدة دول إفريقية بوفود رسمية وعروض غنية تعكس تنوع الأنظمة الزراعية بالقارة، والتوجه نحو شراكات أكثر تكاملًا في مواجهة تحديات الأمن الغذائي والمناخي.
وقد تحوّل رواق إفريقيا إلى فضاء نابض بالحياة، حافل بالنقاشات والتبادلات بين الفاعلين الاقتصاديين، ومجالاً لنسج علاقات تعاون بين الفلاحين والمستثمرين وممثلي الحكومات والجهات، بما يعزز مكانة المغرب كمركز للربط الإفريقي في مجال الفلاحة والاقتصاد الأخضر.
وتأتي هذه الدينامية الإفريقية في انسجام تام مع التوجهات الملكية الرامية إلى تعزيز التكامل الإفريقي، حيث يشكل المعرض الدولي للفلاحة بمكناس منصة مثالية لتجسيد هذه الرؤية على أرض الواقع.
فرنسا ضيفة الشرف: انفتاح متعدد الأبعاد
وقد اختيرت فرنسا ضيفة شرف لهذه الدورة من المعرض، في تجسيد لعمق العلاقات التاريخية والاقتصادية التي تجمعها بالمغرب، واعترافًا بأهمية التعاون الثنائي في المجالات الفلاحية والتكنولوجية والبحث الزراعي. ومثّل الحضور الفرنسي فرصة لتقاطع التجارب وتبادل الخبرات بين ضفتي المتوسط، كما فتح المجال أمام شراكات ثلاثية تضم المغرب، فرنسا ودولًا إفريقية، مما يُعزز من مكانة المملكة كهمزة وصل استراتيجية بين أوروبا وإفريقيا.
من خلال الحضور الرسمي والفعلي لجهات مثل فاس-مكناس وجهة الحوض الشرقي الموريتانية، يؤكد المعرض أن الرهان على التعاون الجهوي هو مسار واعد لتقوية الروابط بين الشعوب والدول، وتعزيز التنمية المتبادلة والمستدامة.






