مأساة إيمان بتازة تكشف هشاشة الحماية القانونية ضد العنف ضد النساء

اهتز الرأي العام المغربي على وقع جريمة مروعة بمدينة تازة، حيث تعرضت الشابة إيمان للاعتداء بالسلاح الأبيض على يد زوجها السابق، في مشهد دموي أدى إلى إصابتها بجروح غائرة استدعت 130 غرزة على مستوى الوجه، ما أعاد بقوة النقاش حول العنف المستشري ضد النساء وضعف الحماية القانونية لضحايا الاعتداءات الجنسية والعنف الزوجي.
الشابة إيمان كانت ضحية اغتصاب انتهى بحمل، ثم جرى تزويجها من مغتصبها تحت ضغط العائلة والمجتمع بدعوى “تحمل المسؤولية”. غير أن هذا الزواج تحول إلى جحيم من العنف والإهانة، لم ينتهِ مع الطلاق، بل استمر في شكل مطاردة وترويع متواصلين، وصولاً إلى الاعتداء الأخير الذي كاد أن يودي بحياتها. الحادث يعيد إلى الأذهان مأساة أمينة الفيلالي سنة 2012، والتي أدت آنذاك إلى تعديل الفصل 475 من القانون الجنائي، لكنه يظهر أن الاجتهاد القضائي والممارسات المجتمعية لا تزال تسمح بمرور حالات الانتهاك تحت ذرائع اجتماعية مضللة.
رغم تعديل الفصل الذي كان يشرعن إفلات المغتصب من العقاب، ما زالت الحوادث تشير إلى استمرار ثغرات قانونية وتفسيرية تهدد سلامة الضحايا. الحماية القانونية لا تزال عاجزة أمام الضغوط العائلية والمجتمعية، والاعتداء الأخير على إيمان يبرز أن النصوص وحدها لا تكفي دون تطبيق صارم وآليات متابعة فعالة.
تحركت السلطات الأمنية بسرعة بعد انتشار صور وفيديوهات الحادث على مواقع التواصل الاجتماعي، وتم اعتقال المشتبه فيه وتوجيه تهم الضرب والجرح الخطير بالسلاح الأبيض. ورغم هذا التدخل، فإن الواقع يشير إلى أن مثل هذه الجرائم تتكرر بسبب هشاشة منظومة الحماية، وضعف برامج الوقاية والتوعية، وغياب آليات فعالة لرصد ومنع العنف قبل وقوعه.
أثارت مأساة إيمان موجة تضامن واسعة من الجمعيات النسائية والحقوقية، التي اعتبرت أن ما وقع يعكس هشاشة منظومة الحماية وغياب الردع القانوني، داعية إلى مراجعة شاملة للسياسات والقوانين المتعلقة بالعنف ضد النساء، وإلى تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي للضحايا، وليس الاقتصار على العقاب بعد وقوع الجرائم.
حادثة إيمان بتازة تمثل صرخة حادة ضد استمرار العنف ضد النساء في المغرب، وتعيد طرح السؤال حول جدوى القوانين دون تطبيق صارم، وحول المجتمع الذي يفرض على الضحايا الزواج من مغتصبيهن تحت ذرائع زائفة. التحدي اليوم يكمن في ضمان حماية حقيقية للنساء، توفير الدعم النفسي والاجتماعي الفوري، وإعادة النظر في الأعراف والممارسات المجتمعية التي تسهّل إفلات المعتدين من العقاب.