فضيحة “سماسرة المحاكم” .. اعتقالات جديدة تكشف شبكة فساد متغلغلة والمفتشية العامة تتحرك بالحديد والنار

شهدت محاكم المملكة خلال الأسابيع الأخيرة أحداثاً استثنائية، بعدما تحولت قضية “سماسرة المحاكم” إلى ملف رأي عام يفضح حجم الانتهاكات و محاولة التدخلات غير القانونية داخل منظومة العدالة.
أصدر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء قراراً يقضي بوضع خمسة أشخاص رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن عكاشة، في إطار التحقيقات الجارية حول هذه الشبكة، في حين تم تمتيع ثمانية أشخاص آخرين بالسراح المؤقت مع متابعة قضائية.
وتعود تفاصيل هذه القضية إلى شكايات متفرقة حول وسطاء يُعتقد أنهم يتدخلون لفائدة متقاضين داخل محاكم مختلفة مقابل مبالغ مالية، بهدف التأثير على مسار الملفات القضائية.
وقد أحالت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية، 13 شخصاً على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، بعد توقيفهم إثر أبحاث وتحريات دقيقة، حيث ينحدر أغلبهم من منطقة سيدي بنور. فيما أُحيل أربعة مشتبه بهم إلى الوكيل العام بالجديدة، وثلاثة آخرون إلى وكيل الملك بآسفي، وشخص واحد على المحكمة الزجرية بعين السبع، بينما تم تعميق البحث مع 17 آخرين بالدار البيضاء.
وتكشف المعطيات أن الشبكة تضم أفراداً يمارسون الوساطة غير القانونية، وتكوين عصابة إجرامية، والإرشاء، والمتاجرة في أحكام قضائية، والتلاعب في مدد العقوبات، مستغلين موظفين عموميين لإيهام الضحايا بقدرتهم على التخفيف من العقوبات أو تسريع مساطر التقاضي. من بين المتهمين أسماء بارزة، مثل: محمد.ل، امبارك.ع، سعيد.ن، عبد الرحيم.ا، جلال.ذ، خالد.ش، عبد السلام.ب، نادية.م، سفيان.ب، وغيرهم.
وباتت محاكم المملكة وجهة نشطة لعدد من وجوه السمسرة الذين يستغلون علاقاتهم المزيفة للعبث بالملفات، ويضطرون أحياناً للتحرك بين المدن لتضليل الضحايا وإيهامهم بالتدخل لصالحهم، مستغلين وضعياتهم وادعاءات وهمية. وهو ما يحتم على المفتشية العامة تكثيف المراقبة بمختلف المحاكم والضرب من حديد على كل من يحاول التدخل في شؤون القضاء عبر هذه الشبكات السوداء.
المثير أن جزءاً كبيراً من الشبكات المتفرقة تنشط في ملفات مختلفة، مستغلاً احترافهم عالم النصب و الاحتيال فيما يختلط الأمر أحياناً بملفات متنوعة لضمان علاقات وحماية وهمية للضحايا الذين يدفعون مبالغ مالية مقابل وعود لا أساس لها. هؤلاء الممارسون للسمسرة اضطروا مؤخراً للتحرك بين المدن لعقد لقاءات سرية مع الضحايا، محاولين إيهامهم بقدرتهم على التدخل أو تقديم تسهيلات للحكم ببرائتهم او عدم المتابعة، بينما هم في الواقع يستغلون ثغرات يدرسونها لتحقيق مكاسب شخصية.
من جانبه، يعمل رئيس النيابة العامة، هشام بلاوي، منذ توليه المنصب على تفعيل استراتيجية وطنية قائمة على الشفافية وربط المسؤولية بالمحاسبة، مؤكداً أن زمن الصفح قد ولى، وأنه يحرك الجهاز القضائي بقوة لمواجهة كل أشكال الفساد والتلاعب بالعدالة. جهود بلاوي تتجسد اليوم في هذه التحقيقات التي تهدف إلى استعادة مصداقية القضاء وحماية حقوق المواطنين من الشبكات التي تستغل المتقاضين..
هذه المستجدات تؤكد أن القضاء المغربي دخل مرحلة تحرك صارم ضد الفساد والسمسرة، وأن أي محاولة للضغط على الملفات أو التأثير في مسار العدالة لن تمر مرور الكرام، في وقت يرى الرأي العام أن هذه الخطوات تمثل رسالة قوية لكل من حاول استغلال النظام القضائي لمصالح شخصية أو مالية.