قضايا

فرار الجنرال مدير المخابرات يهز النظام الجزائري: صراع داخلي وانفلات أمني غير مسبوق

لا تزال واقعة فرار الجنرال الجزائري عبد القادر حداد، المعروف بلقب “ناصر الجن”، إلى السواحل الإسبانية على متن زورق للهجرة غير النظامية، تهز الجزائر أمنياً واستخباراتياً، إذ يمثل هذا الهروب صدمة حقيقية للنظام ويكشف هشاشة مؤسسات الدولة والرقابة على كبار المسؤولين الأمنيين.

وفق تقارير إعلامية إسبانية وفرنسية، تمكن الجنرال حداد ما بين ليلة 18 وصباح 19 شتنبر من التملص من المراقبة المشددة والهروب على متن قارب سريع إلى كوستا بلانكا بمقاطعة أليكانتي. وأوضحت المصادر أن الهروب تم في ظروف تشبه رحلات “الحراقة”، فيما أظهر المشهد حجم الانفلات الأمني الذي لم تشهده العاصمة الجزائر منذ العشرية السوداء، مع انتشار حواجز الشرطة والجيش وعمليات تفتيش دقيقة للطريق والطلعات الجوية المكثفة لمروحيات عسكرية.

الجنرال عبد القادر حداد، الذي تولى قيادة جهاز الاستخبارات الداخلية بين يوليوز 2024 وماي 2025، كان أحد أبرز المقربين من الرئيس عبد المجيد تبون وداعماً رئيسياً لولاية تبون الثانية في شتنبر 2024. غير أن إقالته المفاجئة ووضعه تحت الإقامة الجبرية كشف حجم الصراعات الداخلية داخل القيادة العسكرية، وفتح تساؤلات عن مراكز النفوذ داخل المؤسسة العسكرية الجزائرية.

يعد هروب “ناصر الجن” مؤشرًا صارخًا على الانقسام والصراعات داخل المؤسسة العسكرية، وهو ما أدى خلال السنوات الأخيرة إلى الإطاحة بعدد من كبار الجنرالات والمسؤولين الأمنيين. وتكشف الحادثة أن النظام الجزائري، رغم صورة السيطرة الظاهرية، يواجه أزمات عميقة في مراقبة أجهزته الأمنية العليا، ويعكس حجم الانشقاقات والخلافات حول النفوذ والمراكز الحساسة.

ارتبط اسم الجنرال حداد بملفات شائكة تعود إلى العشرية السوداء، بما فيها عمليات اختطاف واغتيالات داخلية وخارجية، ومحاولات استهداف معارضين في إسبانيا وفرنسا. ويثير فراره الأخير مخاوف النظام من كشف أسرار حساسة خارج الحدود، ما قد يفاقم الأزمات الدبلوماسية ويضع السلطة في موقف محرج أمام المجتمع الدولي.

فرار الجنرال عبد القادر حداد يسلط الضوء على هشاشة النظام الجزائري وصراع النفوذ داخل مؤسساته الأمنية، ويطرح أسئلة جوهرية حول قدرة السلطة على السيطرة على كبار المسؤولين وإدارة ملفات حساسة. هذه الأزمة تعكس بشكل واضح أن النظام الجزائري يعيش حالة من الانقسام الداخلي وعدم الاستقرار، وأن السيطرة المركزية المزعومة ليست إلا واجهة لواقع أمني واستخباراتي مضطرب ومتوتر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى