مجتمع

سيارة إسعاف شفشاون.. صراع إنسانية العمل التطوعي ومخططات تصفية الحسابات

أثارت الأوساط المحلية بإقليم شفشاون، مؤخراً، قضية سيارة إسعاف تابعة لـ “مجموعة الساحل للصحة”، حيث تم تداول معلومات حول قيام سائق متقاعد بقيادتها، الأمر الذي استدعى تدخلاً فورياً من السلطات الإقليمية. التحقيقات التي باشرتها عمالة الإقليم، كشفت عن طبقات متعددة للقصة: طبقة إنسانية نبيلة وطبقة أخرى مغرضة تدور حول استغلال الموقف لأجندات شخصية و سياسية.

تبين أن السائق المعني، ( م خ)، هو موظف سابق متقاعد من جماعة “اسطيحة” يمتلك خبرة واسعة في قيادة المركبات. وبحسب التحقيقات، فإن قيادته لسيارة الإسعاف لا تتم بموجب عقد عمل، بل هي مبادرة تطوعية وإنسانية خالصة هدفها سد الخصاص الناتج عن عجز مالي لدى “مجموعة الساحل” يمنعها من توظيف سائقين رسميين.

لقد وضع هذا الوضع السلطات أمام حقيقة أن هذه الخدمة الحيوية، التي تخدم مواطني المنطقة، كانت مهددة بالتوقف لولا تفاني هذا المتطوع الذي خاطر بوقت وجهده لضمان استمرارها.

كشفت الأبحاث التي أشرفت عليها السلطة المحلية أن الضجيج الإعلامي والتشهير الذي رافق هذه الواقعة لم يكن بدافع الحرص على القانون، بل كان مدفوعًا بـ “سوء النية” وأجندات شخصية. فقد ثبت أن أحد المستشارين الجماعيين هو من يقف خلف تسريب وتضخيم القضية، مستغلاً جهود السائق المتطوع ونقاط ضعف المجموعة الصحية كأداة لـ تصفية حسابات شخصية ضيقة مع السائق أو جهات أخرى، دون أي اعتبار لتداعيات ذلك على تعطيل خدمة حيوية للمواطنين.

هذه النقطة شكلت تحديًا إضافيًا للسلطات، حيث كان عليها أن توازن بين تطبيق القانون وحماية المصلحة العامة من التلاعب السياسي الضيق.

هنا برز الدور القيادي والحاسم لعامل إقليم شفشاون الجديد،  زكرياء حشلاف. وقد أثبت تعامله مع هذه الواقعة أنه يتبنى استراتيجية حكامة محكمة لا تتسامح مع الفوضى أو استغلال المرفق العام، وهي استراتيجية تهدف إلى النهوض الشامل بالإقليم:

أولى خطوات العامل كانت الحسم والشفافية. عبر إشرافه المباشر على التحقيق، تم عزل الحقيقة القانونية عن الدوافع الشخصية، مما أدى إلى:

  • فضح سوء النية: كشف التحقيق عن دوافع المستشار الجماعي، وهذا يمثل خطوة أساسية في ترسيخ مفهوم السلطة المتجدد القائم على النزاهة والوقوف بحزم ضد توظيف الشأن العام لأغراض ذاتية.

  • حماية المتطوع النبيل: تم تثمين العمل التطوعي للسائق، مع التوجيه نحو إيجاد آلية قانونية مؤطرة لضمان سلامة الخدمة واستمراريتها، بدلاً من مجرد إقصائه.

إن تعامل العامل حشلاف مع هذه الأزمة الجزئية لا ينفصل عن رؤيته الكلية للنهوض بالإقليم. ترتكز استراتيجيته على:

  • دعم المبادرات الاقتصادية: توجيه الجهود نحو استغلال المؤهلات الإيكولوجية والطبيعية لشفشاون لجلب الاستثمارات وتوفير فرص الشغل للشباب العاطل، وهو الحل الجذري لمشكلة التوظيف التي تسببت في الخصاص المالي لمجموعة الساحل.

  • المواكبة اللصيقة للمشاريع: التركيز على إنجاز المشاريع التنموية المعطلة أو البطيئة، بما يضمن أن كل قرش يتم صرفه يصب في خدمة التنمية الحقيقية، والقطع مع الأسباب الهيكلية التي تؤدي إلى العجز المالي في القطاعات الحيوية.

  • ترسيخ مبادئ المسؤولية: إرساء قواعد جديدة للتعاون مع المجالس المنتخبة تفرض عليها تحمل مسؤولياتها المالية والإدارية بشكل كامل، والابتعاد عن منطق ترحيل المشاكل.

  • تؤكد هذه الواقعة أن الإدارة الترابية بإقليم شفشاون، تحت قيادة السيد حشلاف، عازمة على المضي قدماً في تنفيذ استراتيجية تنموية شاملة، لا تترك مجالاً لـ الفوضى الإدارية أو التلاعب السياسي أن يقف حائلاً أمام خدمة المواطنين والمصلحة العامة للإقليم.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى