سياسة

تطورات مثيرة في ملف صفقة دواء “كلوريد البوتاسيوم”.. البرلمان يدخل على الخط والوزارة تلتزم الصمت حول جوهر الاتهامات

تشهد الساحة السياسية في المغرب توتراً متصاعداً بعد تفجر قضية تفويت صفقة اقتناء دواء لشركة يُشتبه في ارتباطها بعضو داخل الحكومة، وهي القضية التي ما تزال تُلقي بظلالها الثقيلة على قطاع الصحة وتعيد إلى الواجهة موضوع تضارب المصالح داخل الجهاز التنفيذي.

وتتجه لجنة القطاعات الاجتماعية بمجلس النواب إلى عقد اجتماع عاجل، بطلب من الوزير المنتدب المكلف بالعلاقات مع البرلمان، مصطفى بايتاس، من أجل مساءلة وزير الصحة والحماية الاجتماعية، أمين التهراوي، حول تفاصيل الصفقة التي أثارت جدلاً واسعاً، والمتعلقة باستيراد مادة كلوريد البوتاسيوم.

بووانو يشعل الجدل: “وزارة الصحة أصبحت وزارة الصفقات”

الشرارة الأولى التي فجّرت القضية جاءت خلال الجلسة العمومية للتصويت على الجزء الأول من قانون المالية، حين كشف النائب عبد الله بووانو، عن حزب العدالة والتنمية، عن وجود صفقة قال إنها “مشبوهة”، تتعلق باقتناء دواء حيوي لفائدة شركة يمتلكها وزير في الحكومة.

بووانو، وإن لم يصرّح بالأسماء صراحة، إلا أن معطيات حصلت عليها عدة وسائل إعلام، تشير إلى أن الأمر يتعلق بشركة مملوكة لوزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، محمد سعد برادة، والتي حصلت على ترخيص استثنائي لاستيراد الدواء المذكور.

النائب المعارض ذهب أبعد من ذلك حين اتهم وزارة الصحة بتمرير الدواء رغم وجود كتابة صينية غير مفهومة على علبته، قبل أن يُسحب لاحقاً من المستشفيات.

وزارة الصحة ترد.. دون أن تجيب

الوزارة، التي يقودها الوزير التجمعي أمين التهراوي، سارعت إلى إصدار بلاغ رسمي، لكنها تجنبت فيه الخوض في أصل الاتهام: هل استفادت شركة يملكها وزير من الصفقة أم لا؟

واكتفى رد الوزارة بالتأكيد على أن عملية الشراء تمت وفق “طلب عروض قانوني وشفاف”، وأن التراخيص الاستثنائية لاستيراد الدواء وُجهت لعدد من الشركات وفق “شروط صارمة”، دون أن تنفي أو تؤكد وجود اسم الوزير المعني ضمن المستفيدين.

هذا النوع من الردود، وفق عدد من المحللين السياسيين، يُعد “تهرباً واضحاً من لبّ القضية”، إذ يتم تحويل النقاش من شبهة تضارب المصالح إلى مجرد إجراءات تقنية تتعلق بالمساطر الإدارية.

تحويل النقاش من الأخلاقي إلى الإداري

مصادر سياسية وحقوقية اعتبرت أن احترام المساطر لا يكفي لنفي شبهة تضارب المصالح، لأن الإشكال هنا، كما تقول، أخلاقي بالدرجة الأولى، إذ لا يجوز أن تكون شركات أعضاء في الحكومة طرفاً في صفقات مرتبطة مباشرة بقطاعات يسهرون على تسييرها أو تقع ضمن النفوذ الحيوي للحكومة ككل.

وترى المصادر أن تكرار مثل هذه القضايا، سواء داخل قطاع الصحة أو في قطاعات حكومية أخرى، يُهدد الثقة العامة، ويطرح تساؤلات حول حدود النزاهة في تدبير المال العام.

هل تتجه الأغلبية إلى أزمة صورة انتخابية؟

يشير مراقبون إلى أن تراكم ملفات من هذا النوع قد يكون له ثمن سياسي في الاستحقاقات المقبلة، خاصة بالنسبة إلى حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يقوده رئيس الحكومة عزيز أخنوش، والذي ينتمي إليه كل من وزير الصحة أمين التهراوي ووزير التربية الوطنية محمد سعد برادة.

ويؤكد هؤلاء أن صورة الحكومة، التي تواجه بين الحين والآخر اتهامات تتعلق بتداخل المصالح الاقتصادية مع المسؤوليات العمومية، قد تتعرض لضربة قوية إذا لم يتم تقديم توضيحات دقيقة وإجابات واضحة حول الجهة التي استفادت فعلياً من هذه الصفقة المثيرة للجدل.

جلسة برلمانية مرتقبة.. قد تُعيد رسم ملامح الملف

ومن المنتظر أن يشكل الاجتماع المرتقب للجنة القطاعات الاجتماعية بالبرلمان محطة مفصلية، حيث يتوقع أن يواجه وزير الصحة أسئلة دقيقة ومباشرة حول هوية الشركات التي شاركت في طلب العروض، وكيفية منح الترخيص الاستثنائي، ومدى احترام قواعد الشفافية ومنع تضارب المصالح.

ويرى متابعون أن أيّ محاولة للمراوغة أو تقديم أجوبة عامة ستزيد فقط من حدة الاحتقان، فيما قد يفتح تقديم أسماء الشركات والوثائق الرسمية الباب أمام كشف الحقيقة كاملة، سواء كانت الاتهامات دقيقة أو مبالغاً فيها.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى