قضايا

“الفساد ‘يجمد’ التنمية: ملف الدواحي ينتظر الوكيل القضائي.. و مشاريع إقليم مولاي يعقوب في غرفة الإنعاش!”

في تطور جديد لملفٍ ثقيل يُعيد إلى الواجهة سؤال ربط المسؤولية بالمحاسبة، قررت غرفة الجنايات الابتدائية المكلفة بجرائم الأموال بمحكمة الاستئناف بفاس، أول أمس الثلاثاء 11 نونبر 2025، تأجيل محاكمة رئيس المجلس الإقليمي لمولاي يعقوب جواد الدواحي وثمانية متهمين آخرين، إلى جلسة 11 دجنبر المقبل. قرار التأجيل جاء في سياق يطغى عليه الجدل مع العلم أن الملف من بين الملفات الحارقة  ذات الطابع المالي، وما يترتب عنه من استمرار متابعين في مناصبهم رغم خطورة الاتهامات.

بحسب مصادر مطلعة، فإن هيئة الحكم  قررت تأجيل الملف قصد استدعاء الممثل القانوني للمجلس الإقليمي والوكيل القضائي للمملكة، لتمكينهما من عرض وجهة نظرهما القانونية والدفاع عن مصالح الدولة باعتبارها الطرف المتضرر في قضية تبديد أموال عمومية.
ويُعد هذا الإجراء خطوة أساسية في مساطر جرائم الأموال، حيث يُعتبر المجلس الإقليمي طرفاً متضرراً وليس فقط ساحةً لجريمة مالية مفترضة. غير أن هذا التأجيل، رغم وجاهته الإجرائية، يزيد من ضغط الرأي العام الذي يطالب بسرعة الحسم في واحدة من أكثر القضايا حساسية في الجهة.

الملف لا يقتصر على الرئيس وحده، إذ يواجه إلى جانبه ثمانية متهمين آخرين، من بينهم موظفون ومتعهدون عموميون، تتضمن أسماؤهم: عبد الرحمان عين الناس، عبد العزيز الجناتي، محمد الراوي، نجيب صبور، سعيد كرداد، أنس الفقير، محمد بوطاهر، ورشيد الزغبة.
وتُوجَّه إلى المتهمين مجموعة من الجنايات الخطيرة التي تمسّ المال العام مباشرة، من أبرزها:

  • اختلاس وتبديد أموال عمومية؛

  • التزوير في محررات رسمية وعرفية واستعمالها؛

  • استغلال النفوذ لتحقيق منافع خاصة.

التحقيقات المنجزة من طرف الفرقة الجهوية للشرطة القضائية والدرك الملكي، تحت إشراف الوكيل العام للملك بفاس، كشفت عن اختلالات مالية جسيمة وغياب وثائق تبريرية لصرف مبالغ تُقدّر بالملايين. هذه النتائج تؤشر إلى وجود منظومة تدبير مختلة أكثر منها مجرد تجاوزات معزولة.

الجانب الأكثر إثارة للجدل هو استمرار جواد الدواحي في منصبه رغم متابعته في قضايا اختلاس وتبديد أموال عامة. وهو ما يعتبره مراقبون خرقاً صريحاً لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة المنصوص عليه دستورياً.
ففي الوقت الذي تتابع فيه العدالة مسارها القضائي، تظل وزارة الداخلية، عبر مصالح العمالة، في وضع انتظار ، لتفعيل  المساطر القانونية التي تتيح توقيف أو عزل المسؤولين المنتخبين المتابعين جنائياً.

مصادر متابعة للملف تؤكد أن عامل الإقليم  ينتظر الحكم النهائي لتفعيل مقتضيات العزل الإداري المنصوص عليها في القوانين التنظيمية للجماعات الترابية، حمايةً لسمعة المرفق العام وضماناً لاستمرارية التسيير بشفافية. كما دعت المصادر ذاتها السلطات إلى الاستعانة بصور الأقمار الاصطناعية التابعة للدرك الملكي لكشف مواقع المستودعات والمرافق المشبوهة التي قد تكون ضمن دائرة الاختلالات، من أجل تحديد الخروقات بدقة ودعم التحقيقات التقنية بالأدلة الميدانية.

التأجيل المتكرر لهذا الملف يزيد من حالة الترقب الشعبي ويُعمّق الإحساس  بالحكم المرتقب، خصوصاً حين يتعلق الأمر بمسؤولين منتخبين.

إن جلسة 11 دجنبر المقبل ستكون اختباراً حقيقياً لقدرة القضاء والإدارة على فرض هيبة القانون وتكريس دولة المؤسسات، عبر محاكمة شفافة وسريعة تُنهي حالة التردد التي تُضعف ثقة المواطنين في العدالة.

ملف مولاي يعقوب لم يعد شأناً محلياً، بل رمزاً وطنياً لصراع بين ثقافة الإفلات من العقاب وإرادة الإصلاح. و  الجهات المسؤولة   تواصل عملها  و تنفذ التعليمات الملكية بربط المسؤولية بالمحاسبة بجدية من خلال  حربها على الفساد، فإن الحسم الإداري والقضائي في هذا الملف سيكون المؤشر الأوضح على عدم الإفلات من العقاب من الساسة الذين يعتبرون أنفسهم نافذين.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى