صحة

“اكديطال” تستنزف الأطر الطبية العمومية و تتوسع بشكل سريع و غريب للسيطرة على القطاع الخاص

يتضح أن صعود مجموعة “أكديطال” لم يكن مجرد توسع استثماري طبيعي، بل تحول إلى عامل أساسي في تعميق جراح القطاع الصحي العمومي. فبينما تتباهى المجموعة بإدارة أزيد من 30 مؤسسة صحية موزعة على 19 مدينة، تعيش المستشفيات العمومية نزيفاً خطيراً في مواردها البشرية والتجهيزية.

انتشار “أكديطال” فتح شهيتها لاستقطاب الكفاءات الطبية من قلب المستشفيات العمومية. أطباء وممرضون وأطر متخصصة هجرت المؤسسات العمومية نحو القطاع الخاص بفعل الإغراءات المالية وظروف العمل الأفضل. النتيجة: فراغ مهول في المستشفيات العمومية، حيث يعاني المواطنون من غياب أطباء التخصص وطول مواعيد الانتظار، بينما تتكدس الكفاءات داخل المصحات الخاصة التي لا يلجها سوى أصحاب المال.

الأزمة القائمة ليست قدراً محتوماً، بل نتيجة واضحة لخيارات سمحت للمصحات الخاصة، وعلى رأسها “أكديطال”، باستنزاف طاقات الدولة البشرية. بدل أن تقوم الحكومة بتنزيل قرارات شفافة ووفتح المجال للقطاع الخاص بإستقدام أطباء من الخارج ، تركت الباب مفتوحاً أمام نزوح جماعي للأطر نحو المؤسسات الربحية، مما جعل المستشفيات العمومية مجرد بنايات بلا حياة.

من المفترض أن يكون العلاج حقاً دستورياً ومجالاً للتكافؤ الاجتماعي، لكن مع هيمنة “أكديطال” أصبح المريض مجرد زبون، والخدمة الصحية مجرد منتوج. من يملك المال يحظى بالعلاج الفوري في مصحات مجهزة، ومن لا يملك يُترك لمصير مجهول في مستشفيات عمومية فارغة من الأطباء.

ازدهار “أكديطال” ليس علامة نجاح، بل جرس إنذار عن انهيار خطير للمنظومة الصحية الوطنية. هذه المجموعة لم تساهم في حل الأزمة، بل كانت طرفاً في صناعتها عبر استقطاب الأطر من العمومي وتحويل العلاج إلى تجارة مربحة جعلها تتسلق بسرعة غامضة المراتب الاولى لسوق البورصة. ومع استمرار هذا الوضع، يبقى المواطن البسيط هو الضحية الأولى لسياسات جعلت الحق في الصحة رهينة بالمقدرة المالية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى