إصلاحات حكومة أخنوش بين إرث “العشرية السوداء” وتأخر التنزيل: عقلاء “الأحرار” يدقّون ناقوس ضرورة تجاوز الإصلاح المتعثر

كشفت مصادر وصفت بـ”العقلاء” داخل حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي يقود الحكومة الحالية، أن الحراك الاجتماعي الذي يقوده شباب جيل “زيد” لم يأت من فراغ، بل هو نتيجة تراكمات وإكراهات واجهتها الحكومة منذ تسلمها مفاتيح التدبير بعد انتخابات شتنبر 2021، في سياق اقتصادي واجتماعي معقد خلفته عشرية حزب العدالة والتنمية، وأزمة جائحة كورونا، والتقلبات الدولية التي عصفت بالاقتصاد العالمي.
وأوضح هؤلاء أن الحكومة الحالية ورثت واقعا اقتصاديا واجتماعيا صعبا، بعدما أقدمت حكومة عبد الإله بنكيران على تحرير أسعار المحروقات ورفع اليد عن صندوق المقاصة، وهي قرارات عمّقت الفوارق الاجتماعية وأثقلت كاهل الفئات الهشة، مضيفين أن قطاعي التعليم والصحة كانا من أبرز ضحايا تلك المرحلة، بعدما تم إغراقهما بالرخص العشوائية للمؤسسات الخصوصية والمصحات، مما أدى إلى تدهور وضعية المرفق العمومي الذي يؤدي اليوم ثمن ما أسموه بـ”الإصلاح الأسود” الذي أقره الإسلاميون.
وأشار المتحدثون إلى أن عزيز أخنوش وجد نفسه أمام تحديات متراكمة، إذ انطلقت حكومته مثقلة بتركة ثقيلة، وبأزمات متلاحقة أبرزها تداعيات الجائحة، وغلاء الأسعار، ثم زلزال الحوز الذي تطلب تعبئة مالية وبشرية ضخمة من أجل إعادة الإعمار وتقديم المساعدات في وقت قياسي، مؤكدين أن الحكومة أظهرت قدرة عالية على التدبير في الأزمات، غير أن وتيرة التواصل والتسويق الإعلامي ظلت دون المستوى المطلوب.
وفي المقابل، نوه المصدر ذاته بالإصلاحات الهيكلية التي شرعت الحكومة في تنزيلها، خاصة في مجال الحماية الاجتماعية، رغم العراقيل الإدارية التي واجهت المشروع في بدايته، بالإضافة إلى انخراطها الفعّال في إصلاح منظومة الصحة وفق التوجيهات الملكية السامية، من خلال إعادة تأهيل أكثر من 1400 مركز صحي على مستوى التراب الوطني، وبناء مستشفيات إقليمية وجامعية جديدة، بينها مركز مراكش الذي خفف الضغط عن الجهة، والمركز الاستشفائي الجامعي بأكادير الذي يرتقب افتتاحه قريبا، في إطار رؤية طموحة تهدف إلى تغطية جميع الجهات الاثنتي عشرة بمراكز استشفائية وكليات للطب.
كما شهد قطاع التعليم خطوات مهمة رغم الصعوبات، أبرزها رفع أجور الأطر التربوية والإدارية وتحسين ظروف العمل في المدارس العمومية، إلى جانب مشاريع إعادة تأهيل المؤسسات التعليمية وبناء مركبات تربوية حديثة. إلا أن بطء تنفيذ بعض الأوراش الكبرى، وتأخر تنزيلها على أرض الواقع، ساهم في توسيع رقعة الاحتقان الاجتماعي الذي عبر عنه جزء من الشباب في الشارع.
ويرى مراقبون أن حكومة أخنوش نجحت في رسم ملامح إصلاحات عميقة ومهيكلة، إلا أن التأخر في الإنجاز وضعف التواصل العمومي جعلا منجزاتها غائبة عن وعي الرأي العام، وهو ما خلق فجوة بين ما يتحقق ميدانيا وما يُدركه المواطن.
وفي هذا السياق، دعا أصوات حرة رئيس الحكومة إلى التفاعل مع الحراك الشبابي بعقلانية، والنزول من “البرج العاجي” نحو الميدان، وفتح قنوات الحوار مع المواطنين، مع ضرورة إجراء تقييم داخلي شامل لأداء بعض الوزراء الذين اشتعلت قطاعاتهم، معتبرين أن المرحلة المقبلة تتطلب إعادة الثقة من خلال التواضع السياسي، والإنصات الفعلي، وتغليب منطق التكامل والعمل الجماعي لأن “الوطن يجمع الجميع”.
و اضاف نفس المتحدث أنه لا عيب في إقالة و تغيير بعض الوزراء الذين اشعلت قطاعاتهم الشارع،و ان استقرار البلاد و الدفع بالحكومة الى التعجيل بالاصلاحات التي انطلقت منذ اربع سنوات رغم الإرث الثقيل فإن عين العقل هو تغيير بعض الأسماء التي أظهرت أنها غير قادرة لمواكبة الإصلاحات التي تقودها الحكومة و بتوجيهات سامية.