اقتصاد

أخنوش يضع يده على الهيدروجين الأخضر: هل أصبح المستقبل الطاقي للمغرب تحت قبضته؟

يواصل عزيز أخنوش، رئيس الحكومة المغربية، تعزيز قبضته على مفاصل الاقتصاد الوطني، ويتوسع نفوذه في العديد من القطاعات الحيوية. لم يعد الأمر محصورًا في دوره السياسي كأعلى هرم في الحكومة فقط، بل أصبح أيضًا يتعلق بمصالحه الاقتصادية الشخصية، التي تزداد وضوحًا في ظل تأثيره الكبير على مجالات متعددة. بعد أن رسخ احتكاره لسوق المحروقات، وأحكم سيطرته على قطاعات أخرى مثل الفلاحة والصيد البحري منذ 2007، ها هو اليوم يمتد نفوذه ليشمل قطاع الهيدروجين الأخضر، ليصبح مشروعًا استراتيجيًا يثير العديد من التساؤلات حول الطريقة التي يُدار بها.

في اجتماع لجنة القيادة المكلفة بـ”عرض المغرب” في مجال الهيدروجين الأخضر، الذي عُقد في 6 مارس 2025، بدت رغبة أخنوش في تحويل هذا الملف الاستراتيجي إلى مجال نفوذ شخصي واضحة بشكل غير مسبوق. أصبح عزيز أخنوش نموذجًا صارخًا لتضارب المصالح، حيث يدمج بين رئاسة الحكومة والمصالح الشخصية، ويستغل سلطته السياسية لتوجيه الاستثمارات الكبرى في الطاقة المتجددة لصالح أجندات اقتصادية خاصة. فبعد سيطرته على قطاع المحروقات، بدأ يشق طريقه نحو قطاع الطاقة الجديدة، متجاوزًا الوزيرة المسؤولة عن الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة، ليلى بنعلي، في خطوة تدفع للقلق حول غياب الشفافية والمنافسة العادلة في اختيار المستثمرين وتنفيذ الصفقات الكبرى.

طريقة اختيار المستثمرين في هذا المجال تثير شكوكًا حول مدى النزاهة والعدالة في هذه العمليات. إقصاء الوزيرة من الملف، ما لم يكن لأسباب صحية أو شخصية، يطرح تساؤلات حول خرق التوازنات الحكومية والمبادئ الدستورية التي يجب أن تحكم الإدارة العامة. كما أن التحالفات التي تواكب هذا الملف تفتح الباب أمام الحديث عن خلفيات اقتصادية قد تؤدي إلى تهميش المنافسة الحرة.

إذا كانت الحكومة تروج لملف الهيدروجين الأخضر باعتباره ركيزة مستقبلية للاستقلال الطاقي، فإن خطر تحويله إلى مشروع فردي تحت هيمنة أخنوش يعكس تراجعًا في المبادئ التي يجب أن تحكم المشاريع الكبرى. بدلاً من أن يُدار الملف بما يخدم المصلحة الوطنية، يبدو أن هناك محاولة لتحويله إلى أداة اقتصادية يمكن أن تخدم مصالح محدودة، مما يثير قلقًا كبيرًا حول مستقبل هذا المشروع الطاقي الحيوي.

إن الهيدروجين الأخضر، الذي يعد أساسًا لاستقلال المغرب الطاقي، يجب أن يُدار بعيدًا عن الحسابات الشخصية، ويجب أن يُشرك جميع الفاعلين بطريقة شفافة ومتوازنة. لكن ما يحدث اليوم قد يؤدي إلى خلق احتكار اقتصادي يقوده شخص واحد، مما قد يشكل تهديدًا لمستقبل الطاقة في المغرب.

المغاربة، الذين عانوا من تقلبات أسعار المحروقات ورأوا كيف تحولت الحكومة إلى أداة في يد الشركات الكبرى، هم اليوم أمام مشهد جديد من الهيمنة الاقتصادية التي قد تهدد مصيرهم الطاقي. الهيدروجين الأخضر ليس مجرد مشروع طاقي، بل هو مستقبل المغرب في مجال الطاقة، ولذلك يجب أن يُدار بمنطق الدولة، لا بمنطق المصالح الخاصة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى