قضايا

تحليل اخباري:بايدن يقصف مليشيات الحرس الثوري الايراني

الضربة الأميركية فجر الجمعة في سوريا والتي استهدفت بما يفوق طن ونصف من الذخيرة سبعة أهداف لميليشيات إيرانية، تعبر وبشكل لا لغط فيه أن الرئيس الجديد جوزيف بايدن، لن يتهاون في ملفات الأمن الإقليمي والرد “بالوقت والمكان” المناسبين حيث تفترض المصالح الأميركية ذلك.

القصف الأميركي، الذي دمر عدة منشآت تقع عند نقطة مراقبة حدودية لسوريا مع العراق الساعة الواحدة فجرا في التوقيت المحلي، استهدف عددا من الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، بما في ذلك “كتائب حزب الله” و “كتائب سيد الشهداء”. المرصد السوري لحقوق الإنسان قدر عدد الضحايا بـ17 مقاتلا، فيما قال البنتاغون إنهم لا يتجاوزون عدد الأصابع وأكد على دقة الأهداف.

الضربة وهي الأولى لبايدن في الحلبة السورية ضد حلفاء إيران تعكس نهجا أميركيا مختلفا عن ذلك الذي صاحب حقبتي دونالد ترامب وباراك أوباما. 

فعلى عكس ترامب، بايدن الهادئ والكتوم، لا يهدد ويرشق الاتهامات عبر “تويتر” بعد كل صاروخ تطلقه الميليشيات الموالية لإيران في العراق ضد المنطقة الخضراء أو باتجاه قواعد عسكرية. وعلى عكس أوباما، فإن بايدن الوسطي البراغماتي، لا يبدي ضعفا في الساحة الإقليمية خوفا على مفاوضات حول الاتفاق النووي لم تبدأ أصلا مع إيران. فأميركا يمكن أن تفاوض حول التخصيب ونسب اليورانيوم وفي نفس الوقت تحمي وجودها الاستراتيجي في المنطقة. 

ترامب اختار الانسحاب من سوريا وهدد بالانسحاب بالكامل من العراق، فيما انسحب أوباما في 2011 من العراق قبل أن يعود في 2014 لمحاربة داعش. بايدن أكثر حذرا وأقل تسرعا من الاثنين، وهو ليس بصدد الانسحاب أو التصعيد مع طهران في العراق. 

ضربة بايدن فيها من الحذاقة السياسية والعسكرية ما يجب أن يقلق إيران. فهي موجعة عسكريا نظرا لعدد الميليشيات الموالية للحرس الثوري الموجودة في تلك المنطقة، وفي نفس الوقت هي محسوبة لجهة عدم جر العراق إلى منزلق تصعيدي بين أميركا وإيران وتحييده من خلال ضرب سوريا.

وفي نفس الوقت فإن الضربة ليست استعراضية وتوازن بين مصالح أميركا في محاولة تثبيت قوة الردع ضد إيران بعد ثلاث هجومات استهدفت مصالحها في العراق في الأسبوعين الأخيرين، أبرزهم في أربيل، وبين ضرورة الجلوس على طاولة المفاوضات مع طهران حول الملف النووي.

هذه هي المعادلة التي يفرضها بايدن بالموازنة بين الدبلوماسية النووية والمصالح الإقليمية التي ليست الإدارة الجديدة بوارد التخلي عنها أمام ميليشيات ليست لديها الشجاعة لتبني الهجوم الصاروخي، لا بل تختبئ خلف أسماء وسرايا “أولياء الدم” المعروف من مظلتها. 

القصف في سوريا يصعب على إيران الرد أيضا. فليس هناك العمق الشعبي الموجود في العراق للسير بتظاهرات للحشد الشعبي والدعوة لانسحاب أميركي وفي حال اختارت هذه الميليشيات الرد على الأميركيين في سوريا، فستصطدم بقوات سوريا الديمقراطية والطيران الأميركي. فالميدان السوري أصعب على إيران للتحرك ضد أميركا من العراق، والدليل هو مواجهة دير الزور في 2018 بجانب حقل الغاز كونوكو وحيث حاولت إيران وروسيا تحدي واشنطن، وتعرضت لهجوم جوي وقتلى بالمئات. 

الترحيب السياسي الداخلي في واشنطن بالضربة من الجمهوريين كما الديمقراطيين يعطي بايدن اندفاعة باتجاه تنسيق بين الكونغرس والبيت الأبيض كان غائبا في السنوات الأخيرة. 

ضربة سوريا هي أول تعبير عن نهج وسطي وغير استعراضي لبايدن في مقاربة تحديات مفصلية للمنطقة. فالباب مفتوح أمام إيران للمفاوضات كما هو مفتوح أمام واشنطن لحماية مصالحها وخط قواعد اللعبة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى