وزير الداخلية يشعل محركات التنمية ويقود الإصلاح: من ضبط الميزانيات إلى المشاريع الملكية الكبرى

في خطوة وصفها المراقبون بأنها تحرك استراتيجي لإعادة ضبط المشهد المحلي والجهوي، وجّه وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، توجيهات صارمة للولاة والعمال لمراقبة وتنفيذ ميزانيات 2026، بما يضمن النجاعة والشفافية وترشيد الإنفاق على المشاريع الحيوية. التوجيهات لم تقتصر على ضبط المال العام فحسب، بل حملت إشارات واضحة لإطفاء حرائق تراكمت بسبب اختلالات المنتخبين المحليين والمصالح الخارجية التابعة للوزارات والمؤسسات العمومية.
وأشار الوزير إلى أن الميزانيات المقبلة يجب أن تركز على أربع أولويات محورية: دعم التشغيل ومكافحة البطالة، تعزيز الخدمات الاجتماعية في الصحة والتعليم، تدبير الموارد المائية بشكل مستدام، وإطلاق مشاريع التأهيل الترابي المندمجة مع المشاريع الوطنية الكبرى. هذه الأولويات ليست عشوائية، بل تأتي استجابة للمطالب الاجتماعية والاقتصادية للمواطنين، ومواكبة للتوجهات الملكية نحو التنمية المجالية الجديدة التي تعهدت السلطات المحلية بتنزيلها على مستوى الأقاليم كافة.
ضبط الإنفاق ومحاسبة المنتخبين
أكد لفتيت أن وزارة الداخلية تقف على خط النار في مواجهة الانحرافات المالية والإدارية، حيث تتولى رصد وتصحيح أي اختلالات ناتجة عن تراخي المنتخبين أو ضعف الرقابة في المصالح الخارجية للوزارات. ويشمل ذلك مراقبة الميزانيات الترابية، وحصر النفقات على الضروريات، وتوجيه الموارد نحو المشاريع ذات الأثر المباشر على المواطن، بعيدًا عن البهرجة والمصالح الذاتية.
كما شدد الوزير على ضرورة أن يلتزم رؤساء الجماعات بــالشفافية والمصداقية، مع تقديم تقديرات دقيقة للإيرادات والنفقات، والتأكد من سلامة الوثائق القانونية قبل أي صرف، وهو ما يعكس دور الوزارة في ضبط التدبير المالي المحلي وحماية المصلحة العامة.
إحصاء القطيع الوطني: إصلاح الفشل السابق
في مجال الفلاحة والقطاع الحيواني، أظهرت السنوات الأخيرة خللاً جسيمًا في البيانات والإحصائيات، نتيجة ضعف التنسيق والإهمال الإداري من طرف وزارة الفلاحة. هنا تدخلت وزارة الداخلية بجهود ميدانية لتأمين إحصاء شامل للقطيع الوطني، بهدف توفير قاعدة دقيقة لتوجيه السياسات العمومية ودعم الفلاحين، وضمان استدامة الموارد الحيوانية والاقتصاد الريفي. هذه المبادرة تأتي ضمن المشاريع الملكية الكبرى لتعزيز التنمية المجالية الجديدة، وتفعيل دور السلطات المحلية في تنمية المناطق النائية والمهمشة.
السلطات المحلية: جهات موثوق فيها تنزيل المشاريع الملكية
وضعت الملكية مشروع التنمية المجالية الجديدة ضمن أولوياتها الوطنية، وعهدت للولاة والعمال بمهمة تنزيل المشاريع بشكل مندمج ومستدام، بما يضمن العدالة المجالية وتقليص الفوارق بين الجهات. في هذا الإطار، أصبح دور وزير الداخلية والولاة والعمال محوريًا، ليس فقط في توجيه الميزانيات وترشيد النفقات، بل أيضًا في مراقبة تنفيذ المشاريع، وتسهيل الاستثمار المحلي، وتحفيز التشغيل، وضمان استفادة المواطنين المباشرة من برامج التنمية.
ويأتي ذلك بالتوازي مع إصلاح منظومات الحوكمة المحلية، وإطفاء حرائق تراكمت على مستوى الجماعات الترابية بسبب الاختلالات السابقة في بعض المصالح الخارجية للوزارات والمؤسسات العمومية، بما يعزز الانضباط المؤسسي ويكرس ثقافة المحاسبة والشفافية.
أولويات المرحلة: التنمية، الشفافية، والاستجابة للمواطن
المرحلة الحالية تتطلب من السلطات المحلية الانتقال من الإدارة التقليدية إلى نموذج عمل مبني على الكفاءة والمردودية. الميزانيات لم تعد مجرد أرقام على الورق، بل هي أداة استراتيجية لتنفيذ برامج التشغيل، وتحسين الخدمات الاجتماعية، وإدارة الموارد الطبيعية، وتأهيل التراب الوطني.
في هذا السياق، أكدت دورية وزير الداخلية أن التدبير الاستباقي، والالتزام بالقوانين التنظيمية، وترشيد استهلاك الموارد، ومراقبة المشاريع على الأرض، وإحصاء القطعان الوطنية، كل ذلك يشكل قاعدة لإطلاق النموذج التنموي الجديد الذي يصبو إليه المغرب، ويضمن تكافؤ الفرص، ويقطع مع التفاوتات الحادة بين الجهات، ويضع المواطن في قلب الأولويات.