نقابات الصحة تحشد للاشتباك الاجتماعي.. غضب أبيض ينفجر ضد الوزير التهراوي واتهامات له بإشعال فتيل احتجاجات جيل “زد”

شهد القطاع الصحي بالمغرب موجة جديدة من الغضب، انعكست بوضوح في احتجاجات أطر ومهنيي الصحة، بعد سلسلة من الحوادث المأساوية التي شهدها المستشفى الجهوي الحسن الثاني بأكادير. التوتر الأخير وصل حد توقيف عدد من الأطر الصحية، في خطوة استنكرها التنسيق النقابي الوطني للصحة، معتبرًا أن تحميل الأطر وحدها مسؤولية اختلالات المنظومة الصحية يعد محاولة لتغطية عجز السياسات الحكومية، ولا سيما سياسات وزير الصحة والحماية الاجتماعية أمين التهراوي، الذي اعتبره العديد من المهنيين والفئات الاجتماعية المحرّض غير المباشر لاحتقان الشارع وغضب جيل “زد”.
وأشار التنسيق النقابي في بلاغه إلى أن المشاكل المتكررة داخل المستشفى ليست سوى انعكاس لهشاشة المنظومة الصحية على الصعيد الوطني، حيث تعاني المستشفيات من خصاص مهول في الموارد البشرية، ونقص حاد في التجهيزات الطبية والأدوية الأساسية، إلى جانب انهيار البنى التحتية وغياب حكامة رشيدة في إدارة الموارد. وأوضح البلاغ أن استمرار تسجيل حالات وفاة رغم الإجراءات الإدارية والتوقيفات يؤكد أن المشكل أعمق بكثير من تحميل الأطر الصحية المسؤولية، وأن الأزمة صحية بنيوية لا يمكن حلها بعقوبات فردية.
وأدانت النقابات بلاغ وزارة الصحة الذي أعلن عن توقيف مهنيين وإحالة تقرير المفتشية العامة على القضاء، معتبرة أن ذلك يشكل تشهيرًا غير مقبول في وقت يتم فيه تجاهل مظاهر الفساد والتجاوزات المتراكمة لسنوات. وأكدت أن المسؤولية تقع على رأس الهرم الحكومي وعلى الوزير أمين التهراوي شخصيًا، الذي لم يفلح في وضع إصلاحات فعلية أو خطة إنقاذ عاجلة للقطاع، بل اكتفى بسياسات ترقيعية لا تعالج جذور الأزمة، وهو ما أسهم في تأجيج غضب المواطنين والدفع بجيل “زد” إلى الشوارع للاحتجاج.
وأكد البلاغ أن النقابات الصحية بدأت بالفعل في حشد قواعدها وطنياً، واستدعاء جميع الأطر للانخراط في سلسلة من التحركات النضالية، تشمل وقفات احتجاجية أمام مقر وزارة الصحة والبرلمان، بالإضافة إلى إضرابات قطاعية متتالية، بهدف الضغط على الوزارة لإعادة النظر في سياساتها ووقف ما وصفته بـ”التضييق على الأطر الصحية واعتقالهم ككبش فداء”. وأشارت النقابات إلى أن هذه الخطوات ليست خيارًا بل ضرورة لحماية كرامة العاملين وضمان الحق في الصحة للمواطنين.
وربط مراقبون اجتماعيون بين سياسات الوزير التهراوي المتهاونة وبين اندلاع احتجاجات جيل “زد”، معتبرين أن تدهور الخدمات الصحية وارتفاع معدل الوفيات، خصوصًا في أقسام الولادة والاستعجالات، جعل المواطن العادي يخرج للشارع مطالبًا بحماية حياته وحقوقه الأساسية. وقد اعتبر هؤلاء أن استمرار الوضع على حاله سيؤدي إلى توسع رقعة الاحتجاجات الاجتماعية والصحية في المدن الكبرى والصغرى على حد سواء.
و تشدد النقابات على أن الأزمة الحالية تتطلب إصلاحًا جذريًا وعاجلًا، يتجاوز مجرد الإجراءات الفردية والتوقيفات، ويشمل إعادة هيكلة شاملة للقطاع الصحي، تعزيز الموارد البشرية، تجهيز المستشفيات بالمعدات والأدوية، وتطبيق محاسبة صارمة للفساد الإداري والمالي. كما دعت إلى إشراك المجتمع المدني والهيئات الحقوقية في متابعة تنفيذ الإصلاحات لضمان عدم تكرار المآسي الصحية التي أوصلت الوضع إلى ما هو عليه اليوم.