مطار فاس سايس.. نداء استغاثة في وجه الهجرة الجماعية لشركات الطيران والتحديات الإدارية و مطالب بإستقدام مدير جديد
يواجه مطار فاس سايس (Fès-Saïss) أزمة حقيقية تهدد مكانته كبوابة جوية رئيسية لجهة فاس مكناس والشمال الشرقي للمملكة، لاسيما بعد إعلان شركة العربية للطيران (Air Arabia Maroc) التخلي المفاجئ عن ثلاثة خطوط دولية حيوية هي فاس-أمستردام، فاس-باريس، وفاس-ستراسبورغ. هذه الخطوة، التي تمت دون سابق إنذار، وضعت الجالية المغربية المقيمة بالخارج أمام “ويلات” التنقل إلى مطارات أخرى، وكشفت عن اختلالات عميقة تعيق نمو هذا المرفق الحيوي.
المحور الأول: الهجرة الجماعية لـ “العربية” وأثرها على الجالية
تعتبر الخطوط التي تخلت عنها “العربية للطيران” ذات أهمية قصوى للجالية، خاصة في فرنسا وهولندا. هذه الهجرة المفاجئة لشركة كانت تُعد ركيزة في حركة المطار، تشير إلى:
-
ضعف جاذبية الوجهة: يشير قرار الشركة إلى عدم تحقيق الخطوط للأربحية المنتظرة، مما قد يعكس ضعفاً في الترويج للوجهة أو منافسة قوية من شركات أخرى في مطارات مجاورة مثل الرباط أو الناظور،فيما تقارير تتحدث عن خلفيات أخرى و توجيهات خارجية للشركة التي يسيطر عليها رأس مال أجنبي.
-
معاناة المسافرين: أدت هذه القرارات إلى إرهاق الجالية التي تضطر الآن إلى دفع تكاليف إضافية للتنقل البري إلى مطارات أبعد، مما يضرب شعار “القرب من المواطن” بعمق، ويجعل مدينة فاس، التي تغطي عدة مدن وجهات للمسافرين، منطقة طرد بدلاً من أن تكون قطباً جاذباً.
المحور الثاني: مطار فاس في “قعر الترتيب”.. لماذا التهميش؟
تؤكد الأرقام المقارنة وضع مطار فاس سايس كأحد أضعف المطارات من حيث حركة المسافرين والرحلات، مقارنة بمركزيين إقليميين آخرين:
-
ضعف المردودية مقارنة بالجهد: على الرغم من أن فاس تغطي قاعدة سكانية واسعة ووجهات سياحية غنية، فإنها تقبع في القعر مقارنة بمراكش أو حتى الرباط.
-
الغياب الاستراتيجي: تثار تساؤلات حول فعالية المجهودات المشتركة لـ المكتب الوطني للمطارات (ONDA)، والمكتب الوطني المغربي للسياحة (ONMT)، ووزارة السياحة في ربط فاس بشبكات جوية دولية مستقرة ومتنوعة.
-
اختلالات داخلية: تشير المعطيات المتداولة إلى أن مطار فاس يعاني من اختلالات متعددة داخلية، قد تكون مرتبطة بالخدمات الأرضية، أو بكفاءة الإدارة الحالية، أو بغياب رؤية استثمارية واضحة لجذب الشركات.
المحور الثالث: المكتب الوطني للمطارات في قفص الاتهام.. مطالب بالإسراع الإداري
يتحمل المكتب الوطني للمطارات (ONDA) مسؤولية مباشرة في التعاطي مع هذه الأزمة، ويواجه مطالب ملحة تستدعي الإسراع بالإجراءات الإدارية وتوضيح الأسباب التي تؤدي إلى “هجران” شركات الملاحة للمطار:
-
تعيين مدير جديد: أهم المطالب هو التسريع بإعلان ترسيم مدير جديد للمطار بدلًا من المدير بالنيابة الحالي. وتؤكد المصادر أن هذا المدير بالنيابة، الذي يوصف بأنه من “الحرس القديم” و”مغلوب على أمره”، يفتقر للصلاحيات والرؤية الاستراتيجية اللازمة لفتح مفاوضات فعالة مع شركات الطيران.
-
كشف الاختلالات: المطالبة بتوضيحات حول الأسباب الجذرية التي تجعل شركات الملاحة تهجر فاس، وهل تتعلق بالإدارة، بالرسوم، أو بضعف العروض المقدمة من طرف المجلس الجهوي للسياحة؟
-
إبرام عقود جديدة: المطالبة بـ التعاقد الفوري مع شركات جديدة للملاحة الجوية لتعويض الخطوط المفقودة، خاصة وأن المغرب لا يفصله أقل من شهر عن انطلاق كأس أمم إفريقيا (CAN) في ظروف يفترض فيها أن تكون جميع المطارات في أوج جاهزيتها.
إن تهميش مطار فاس سايس يشكل صفعة لجهود التنمية بجهة فاس مكناس، ويتناقض مع شعارات وزارة السياحة الفاشلة إن لم تتحرك هذه الأخيرة بفعالية لإعادة الاعتبار للمطار قبل أن يتحول إلى مجرد مرفق ثانوي معزول.






