لمراقبة الضريبية تشعل “حالة استنفار” وتكشف شبكة مقاولات متورطة في فواتير وهمية

باشرت المديريات الجهوية للضرائب بكل من جهة فاسو طنجة والرباط والدار البيضاء، خلال الأيام الأخيرة، عملية افتحاص واسعة طالت حسابات عشرات المقاولات، بعد تلقيها معطيات دقيقة من مصالح تحليل المخاطر على المستوى المركزي. هذه المعطيات كشفت عن تورط وسطاء وشركات واجهة في إصدار فواتير صورية استعملتها مقاولات عديدة في ملفاتها الجبائية دون علم منها بأنها مزورة.
ووفق مصادر مطلعة، فإن عدداً من الشركات وجدت نفسها تحت وطأة مراجعات ضريبية ثقيلة، بعدما اعتبرت الإدارة الجبائية أن المزودين الذين قدموا تلك الفواتير يوجدون في وضعية “تخلف ضريبي” أو لا يمارسون أي نشاط فعلي على الإطلاق، ما يجعل الوثائق المحصلة منهم غير قابلة للخصم طبقاً للمقتضيات القانونية. وقد ركزت مهام التدقيق على مستوى الحيطة والحذر المعتمد من طرف المقاولات عند تعاملها مع الشركات المشبوهة، خاصة في ظل غياب معطيات تثبت شرعية النشاط الذي تدّعي تلك الشركات ممارسته.
المصادر نفسها أوضحت أن افتحاص المصالح المحاسبية للشركات المعنية كشف عدة اختلالات، من بينها غياب إجراءات التحقق المسبقة قبل اعتماد الفواتير، وعدم طلب شهادات الوضعية الجبائية من المزودين، إلى جانب عدم الاحتفاظ بعقود أو أوامر شراء أو سندات تسليم تثبت حقيقة المعاملات. كما أثارت شكوك المراقبين اختيارات عدد من المقاولات التي فضّلت التعامل مع مزودين بعيدين جغرافياً أو عبر وسطاء غير معروفين بسوابق مهنية موثوقة.
وخلال عمليات التحقيق، تمكن مراقبو الضرائب من تحديد هوية ومسارات العشرات من مسيري الشركات التي تصدر الفواتير المريبة، ليتبين أن عدداً منهم متوارٍ عن الأنظار الجبائية منذ سنوات، بينما ينشط آخرون في تجارة الفواتير تحت غطاء مقاولات صورية لا وجود فعلي لها سوى في السجلات التجارية. وقد جرى تحويل ملفات المتورطين إلى مصلحة الشؤون القانونية بالمديرية العامة للضرائب، قبل إحالتها على النيابة العامة المختصة، من دون المرور عبر اللجنة الوطنية للمنازعات الضريبية، بالنظر إلى وضوح المؤشرات القانونية الدالة على التزوير والمتاجرة في الوثائق المحاسبية.
ويستند هذا المسار الإجرائي إلى المادة 146 من المدونة العامة للضرائب، التي تخول للإدارة رفض أي فاتورة يصدرها مزود في حالة تخلف جبائي أو في غياب نشاط فعلي. وبموجب هذا المقتضى، تعتبر الفاتورة صورية وغير قابلة للخصم من الضريبة على الشركات أو الضريبة على الدخل أو الضريبة على القيمة المضافة، وهو ما يترتب عنه تحميل الشركات التي اعتمدت عليها تكاليف جبائية إضافية وعقوبات مباشرة.
وتوصلت فرق المراقبة، عبر عمليات التدقيق المكتبي، إلى رصد شبكة تضم 21 شركة متخصصة في “صناعة الفواتير” المزورة، 90 في المائة منها متمركزة في الدار البيضاء، وتمتلك حسابات بنكية متعددة لتسهيل عملياتها. وكشفت المصادر أن هذه الشركات لا تكتفي بتسويق فواتير تحت الطلب، بل توفر أيضاً وثائق إدارية مزيفة مثل شهادات الخبرة والعمل، مقابل عمولات تتجاوز 3 في المائة من قيمة المبالغ المفوترة، سواء تعلق الأمر بخدمات أو سلع.






