فواتير الماء والكهرباء بين الحقيقة والإشاعة… شركة SRM-FM تكشف المستور وتعلن “معركة الشفافية” في جهة فاس-مكناس

في لحظة يسود فيها الارتباك وتعلو فيها الأصوات المحتجة و تنشر الإشاعات على ارتفاع فواتير الماء والكهرباء، خرجت الشركة الجهوية متعددة الخدمات لجهة فاس-مكناس (SRM-FM) عن صمتها لتضع حداً نهائياً لما وصفته بـ “سيل المغالطات” التي اجتاحت شبكات التواصل، متهمةً بعض الجهات بالسعي إلى التشويش على ورش إصلاحي غير مسبوق في تاريخ الجهة.
في هذا التحقيق الصحفي، نعيد تركيب الصورة بدقة، ونحلل خلفيات هذا الجدل، ونعود إلى المعطيات الرسمية التي كشفتها الشركة، لنفهم:
هل ارتفعت فعلاً أسعار الماء والكهرباء؟ أم أن الأمر مجرد سوء فهم غذّته الإشاعات؟
المحور الأول: الحقيقة الصارمة… الأسعار لم تتغير والتعريفة الوطنية ثابتة
أول ما أكدت عليه الشركة —وبنبرة لا تحمل الالتباس— هو أن التعريفة الوطنية للماء والكهرباء لم يطرأ عليها أي تغيير منذ دخولها مرحلة التسيير الفعلي في يوليوز 2025، في إطار تنزيل القانون 83.21 المتعلق بإحداث الشركات الجهوية متعددة الخدمات.
1. ثبات التعريفة الوطنية… اختصاص خارج سلطة الشركة
أوضحت الإدارة أن:
-
تحديد الأسعار يتم مركزياً على المستوى الوطني،
-
وأن الشركة الجهوية لا تمتلك صلاحية رفعها أو تعديلها، مهما كانت الظروف أو الضغوطات المالية.
وبذلك، فإن أي حديث عن “زيادات صامتة” أو “غلاء فاحش” لا يعدو كونه —بحَسب تعبير الشركة— “إشاعة بلا جذور”.
2. الأشطر القديمة ما تزال سارية… والفاتورة تُحتسب كما كانت
جميع الفواتير تُطبق عليها نفس الأشطر الوطنية المعروفة منذ سنوات:
-
الشطر الاجتماعي،
-
الأشطر المتوسطة،
-
ثم الشطر المرتفع، الذي يُفعّل تلقائياً حين يتجاوز الاستهلاك الحدود الدنيا.
3. الارتفاع يعود لاستهلاك غير مسبوق في صيف 2025
تكشف الشركة أن موجة الحرارة غير المسبوقة صيف 2025 رفعت الاستهلاك المنزلي بنسب كبيرة بسبب المكيفات، مما دفع الآلاف من الزبناء إلى الأشطر العالية، فجاءت الفواتير مرتفعة…
لكن الارتفاع هنا استهلاكي وليس تسعيرياً.
4. نظام تدقيق وتجريد للغش
ضماناً للشفافية:
-
جميع الفواتير تمر بعمليات مراقبة دقيقة،
-
وتُبنى على قراءات فعلية للعدادات،
-
مع اعتماد نظام معلوماتي مؤمن يُقلّص هامش الخطأ إلى أدنى مستوى.
المحور الثاني: الإشاعات… حين تتحول المعلومة المضللة إلى أداة لتعطيل الإصلاح
في ما يشبه الرد المباشر على “حملات التشكيك”، اعتبرت الشركة الجهوية أن ما يجري ليس مجرد سوء فهم، بل محاولة لضرب الثقة في ورش استثماري ضخم تعوّل عليه الدولة لإصلاح واحد من أكثر القطاعات الاستراتيجية: الماء والكهرباء والتطهير السائل.
1. إصلاح تاريخي يُستهدف في بدايته
تسير SRM-FM وفق برنامج استثماري طويل النفس:
-
يمتد 30 سنة،
-
بقيمة تفوق 29 مليار درهم،
-
ويشمل تعميم الشبكات، تقوية البنية، والرفع من مؤشرات الجودة، خصوصاً في العالم القروي.
ورغم أن انطلاقة الشركة رافقها انتقال تقني وإداري معقد، إلا أن هذه المرحلة —وفق تصريحها— تم تجاوزها بسرعة ودون تأثير على استمرارية الخدمة.
2. “لا نقبل أن تكون القدرة الشرائية للمواطن ساحة للمتاجرة السياسية”
صوت الشركة جاء قوياً، وتحذيرها كان صريحاً:
“نرفض أن تتحول قضية الفواتير إلى منصة لمعارك التشويش. هدفنا تحسين و تجويد الخدمة، وليس نهب جيوب المواطنين.”
صيغة تُفهم منها أن الشركة تشعر بوجود جهات تحاول استغلال الموضوع لنسف الثقة في الإصلاح.
المحور الثالث: استراتيجية القرب… المواطن شريك لا مجرد زبون
في مواجهة وابل الإشاعات وصخب “الفواتير”، اختارت الشركة الهجوم بدل الدفاع عبر الانفتاح المباشر على المواطنين.
1. أبواب مفتوحة وشكايات تُعالج في وقت قياسي
أعلنت الشركة أن:
-
جميع الوكالات مفتوحة أمام المرتفقين،
-
مركز الاتصال يعمل على مدار 24 ساعة،
-
الشكايات تُدرس وتُسوى ضمن آجال محددة ووفق معايير شفافة.
هذه الخطوة تعزز —من وجهة نظر المتابعين— تحول الشركة من إدارة مغلقة إلى مؤسسة عمومية تعتمد الحكامة التشاركية.
2. رقمنة شاملة: من الفاتورة إلى المعالجة الفورية للأعطاب
التحول الرقمي الذي انطلقت فيه SRM-FM مكّن —حسب مصادر داخلية— من:
-
تحسين سرعة التدخلات التقنية،
-
تسريع الأداء،
-
تقليص الأخطاء،
-
وتوفير فضاء إلكتروني شفاف يتيح للزبون تتبع فواتيره لحظة بلحظة.
من معركة الفواتير إلى معركة الثقة
ليس الجدل حول فواتير الماء والكهرباء سوى فصل جديد من النقاش العام حول المرافق الأساسية.
لكن هذه المرة، جاءت الشركة الجهوية متعددة الخدمات بجهة فاس-مكناس لتقلب الطاولة وتعلن “حرب الشفافية” على الإشاعة، وتؤكد أن التعريفة ثابتة، وأن الإصلاحات مستمرة، وأن المواطن سيكون شريكاً أساسياً في النجاح وليس مجرد “هدف” للجباية.
وفي زمن يسهل فيه انتشار الخبر الزائف، يبقى الرهان الأكبر اليوم هو بناء الثقة بين المرفق العمومي والمرتفق.
والشركة، على ما يبدو، اختارت أن تبدأ هذه الثقة من باب الحقيقة… لا من باب التبرير.






