قضايا

فضيحة في القطاع الصحي الخاص… مصحة أكديطال تفتح بلا شهادة مطابقة وتتعرض للإغلاق

قرر والي جهة الرباط–سلا–القنيطرة، محمد اليعقوبي، إغلاق مصحة مجموعة “أكديطال” بحي أكدال وسط العاصمة، بعد أشهر قليلة من افتتاحها واستقبالها للمرضى. القرار جاء بعد التحقق من عدم احترام المجموعة للمساطر القانونية المعمول بها في مجال البناء والتعمير والحصول على شهادة المطابقة، وهو ما يطرح سابقة في تاريخ القطاع الصحي الخاص بالمغرب.

مصحة أكدال، التي تعد من المنشآت الضخمة لمجموعة “أكديطال” التي تضم أزيد من 38 مصحة في مختلف جهات المملكة، تم افتتاحها رسمياً في يونيو الماضي دون استيفاء شروط السلامة القانونية. المجموعة استبقت الإجراءات الروتينية وشرعت في استقبال المرضى قبل تشكيل اللجنة المكلفة بالتحقق من مطابقة البناية للتصاميم المرخصة، وهو ما يشكل خرقاً صريحاً للقانون ويعرض المرتفقين للخطر.

التحقيقات الداخلية أظهرت أن الوكالة الحضرية للرباط لم تقم بمتابعة دقيقة للبناء ولم تبلغ عن التجاوزات في الوقت المناسب، ما دفع والي الجهة إلى توبيخ مسؤولين على مستوى الوكالة وتنقيل بعضهم إلى مواقع أخرى مؤقتاً. كما شمل التدخل الرسمي إعادة ترتيب المسؤوليات بين مختلف المصالح المعنية لضمان عدم تكرار مثل هذه التجاوزات مستقبلاً.

اللجنة المختصة التي تشكلت للتحقق من مطابقة المصحة أظهرت وجود العديد من التعديلات على التصميم الأصلي الذي تمت الموافقة عليه. التغييرات شملت مرافق مهمة في البناية ومواد البناء المستخدمة، مما يجعل المصحة مخالفة للشروط المعتمدة في الترخيص الأصلي ويهدد سلامة المرضى والعاملين على حد سواء.

ردّ الوالي اليعقوبي جاء سريعاً وحازماً، إذ أمر بإغلاق المصحة فوراً وإعادة العمال لإجراء التعديلات المطلوبة. المجموعة اضطرت لهدم بعض المرافق وإعادة بناء أجزاء أساسية لضمان مطابقة المنشأة للتصاميم القانونية، وهو ما يمثل عملية استثنائية لم يسبق أن شهدها قطاع الصحة الخاص بالمغرب بهذا الحجم.

القرار يعكس حجم الاختلالات التي يمكن أن تحدث عند تساهل السلطات أو تواطؤ بعض المسؤولين مع لوبيات القطاع الخاص. ملفات الترخيص، شهادة المطابقة، ومراقبة التنفيذ، كلها مساطر قانونية صارمة صممت لضمان السلامة العامة، لكن خرقها من قبل مجموعة كبيرة يكشف هشاشة آليات الرقابة.

حجم المجموعة المالي وانتشارها الواسع لم يمنعها من التعجل بالافتتاح واستغلال البناية قبل الحصول على التصاريح النهائية، مما يطرح علامات استفهام حول دور النفوذ المالي في تجاوز القانون. الرقم المالي للمجموعة في النصف الأول من السنة، الذي تجاوز ملياري درهم، يعكس قدرتها على استغلال الفراغ القانوني واستباق الرقابة.

حالياً، تعمل مجموعة “أكديطال” على تسريع تنفيذ التعديلات المطلوبة، على أمل استيفاء جميع ملاحظات اللجنة المختصة للحصول على شهادة المطابقة النهائية. زيارة تفقدية ستتم فور انتهاء الأشغال للتأكد من مطابقة التصميم المعدل للمواصفات القانونية قبل إعادة فتح المصحة واستقبال المرضى.

القضية تفتح نقاشاً واسعاً حول العلاقة بين المال والنفوذ والقطاع الخاص وبين حماية المرتفقين وضمان سلامتهم. إغلاق مصحة أكدال يشكل سابقة قانونية وإدارية ويضع علامات استفهام حول فعالية الرقابة على القطاع الصحي الخاص بالمغرب، ويبرز الحاجة إلى تطبيق صارم للقوانين دون استثناءات.

هذا الملف يعكس هشاشة منظومة الترخيص والمراقبة، ويطرح سؤالاً أساسياً حول من كان يسهل مرور هذه المشاريع دون احترام الشروط القانونية. متابعة دقيقة ومسائلة لكل المسؤولين عن الخروقات تظل ضرورة ملحة لضمان عدم تكرار مثل هذه التجاوزات التي قد تعرض حياة المواطنين للخطر.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى