مجتمع

عمدة فاس يغرق المدينة في العبث: “لافوار” بدل الإصلاح وعودة إلى ثمانينات التسيير

في وقتٍ تتأهّب فيه المملكة لاستضافة تظاهراتٍ قارية كبرى، وتعيش فيه المدن المغربية حركية غير مسبوقة لتأهيل بنياتها التحتية وتحسين جاذبيتها، يبدو أن مدينة فاس تعيش على إيقاعٍ مختلف تمامًا، عنوانه العبث وسوء التقدير.

العمدة عبدالسلام البقالي، الذي وعد في بداية ولايته بمشاريع كبرى لتأهيل المدينة ورد الاعتبار لعاصمتها العلمية، يجد نفسه اليوم في قلب موجةٍ من السخرية والاستنكار، بعدما قرّر — حسب مصادر محلية — السماح بكراء حديقة موسكو بحي الزهور سايس لشركة ألعاب متنقلة، تُعرف لدى المغاربة باسم “لافوار”.

القرار، الذي مرّ في صمت إداري، أثار غضبًا واسعًا بين ساكنة الحي، التي كانت تنتظر إصلاح المتنفسات القليلة المتبقية، لا تحويلها إلى فضاءاتٍ للضجيج والفوضى. فبدل العناية بالحدائق التي تعاني الإهمال وتراكم النفايات، يختار العمدة أن يجهز على ما تبقّى من المساحات الخضراء، ليحوّلها إلى مشاريع مؤقتة لا أثر تنمويًا لها.

مدينة فاس، التي عرفت في العقود الماضية بحدائقها التاريخية وأناقتها العمرانية، تعيش اليوم سنوات عجاف تحت تسييرٍ جماعي يفتقر إلى الرؤية. فطرقاتها مهترئة، ونظافتها موضع شكوى دائمة، ومساحاتها الخضراء شبه منعدمة، في وقتٍ ترتفع فيه الضرائب المحلية دون انعكاسٍ ملموس على مستوى الخدمات.

وإذا كانت المدن المنافسة تُعدّ العدّة لتكون في مستوى الحدث القاري المقبل — كأس إفريقيا للأمم — فإن فاس تُستقبل زوارها عبر “لافوار”، كأنّ المجلس الجماعي قرّر أن يستحضر أجواء الثمانينات، حين كانت هذه الألعاب المتنقلة ملاذًا للتسلية الرخيصة، لا عنوانًا للسياسة الحضرية.

الساكنة تتساءل اليوم: هل أصبحت فاس مجرد مختبرٍ للتجارب الفاشلة؟ وهل يدرك العمدة أن قراراته المتسرعة تُعمّق الفجوة بين المجلس والمواطن؟ فبدل توجيه الجهود إلى تحسين البنية التحتية، وتفعيل برامج النظافة، واستعادة رونق المدينة التاريخية، يختار المجلس الانشغال بمشاريع جانبية لا تُسمن ولا تُغني من أزمةٍ تتفاقم يومًا بعد يوم.

لقد تحوّل شعار “فاس مدينة المشاريع الكبرى” إلى عنوانٍ ساخر، في ظلّ واقعٍ متدهور لا يعكس أي رؤيةٍ واضحة للتنمية المحلية. ووسط هذا المشهد، يبدو أن عمدة فاس عبدالسلام البقالي يواصل إغراق المدينة في فوضى التدبير وغياب الحكامة، ليتركها تائهةً بين ضجيج “لافوار” وصمت الحدائق المهجورة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى