صدى الرصاص الوظيفي يهزّ المغرب: جريمة قتل “عاطفية” بسلاح الأمن بسلا.. وهل ننزع البوصلة؟

اهتز الرأي العام المغربي، مساء يوم الأحد 2 نونبر الجاري، على وقع فاجعة جديدة بطلها موظف أمن، استخدم سلاحه الوظيفي، الذي كان من المفترض أن يكون أداة لحماية الأرواح، لإنهاء حياة سيدة كانت برفقته داخل مسكنه الشخصي بمدينة سلا الجديدة. يأتي هذا الحادث المأساوي ليُعيد إلى الواجهة نقاشاً قديماً متجدداً حول إشكالية حيازة موظفي الأمن الوطني لأسلحتهم النارية خارج أوقات العمل.
جريمة سلا: “انحراف” في استخدام أداة الواجب
فتحت الشرطة القضائية بمنطقة أمن سلا الجديدة بحثاً قضائياً تحت إشراف النيابة العامة المختصة، لتحديد الملابسات الدقيقة والدوافع الكامنة وراء ارتكاب مفتش شرطة لجريمة قتل عمد باستعمال مسدسه الوظيفي.
مسرح الجريمة: مسكن الشرطي الشخصي.
الضحية: سيدة كانت برفقته.
الأداة: طلقة نارية من المسدس الوظيفي.
الإجراءات الحالية: معاينة الجثة، إجراء خبرات باليستية، تشريح طبي، ومواصلة التحريات لكشف الدوافع، التي تشير المعلومات الأولية إلى أنها قد تكون “خلافات ذات طابع عاطفي”.
إن استخدام السلاح الوظيفي في سياق شخصي وعاطفي، هو ما يجعل الجريمة تتجاوز كونها مجرد حادث جنائي إلى مؤشر خطير على حدود “السيطرة” على هذه الأداة القاتلة خارج إطار المهام الرسمية، وحالة انعدام الانضباط النفسي اللازم.
شبح الدار البيضاء يعود: سابقة مروعة بنفس الأداة
لم تكن جريمة سلا الوحيدة التي تُسلط الضوء على خطورة السلاح الوظيفي خارج نطاق العمل. ففي أكتوبر 2025، كانت مدينة الدار البيضاء مسرحاً لحادث مروع مشابه.
الشرطي الذي قتل “خليلته” وحاول الانتحار في البيضاء:
تشير المعطيات المتوفرة من خلال البحث، إلى أن المصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن الدار البيضاء كانت قد فتحت بحثاً قضائياً لتحديد ظروف إقدام موظف شرطة على قتل سيدة كانت “خليلته” باستخدام سلاحه الوظيفي، قبل أن يحاول الفرار ويطلق الرصاص في محيطه، ومن ثم يحاول وضع حد لحياته بإطلاق رصاصة أصابته بشكل بليغ في الرأس. وقد أُشير حينها أيضاً إلى أن دوافع الجريمة قد تكون مرتبطة بخلافات ذات طابع عاطفي.
هذا التكرار المأساوي لحوادث القتل العمد التي تستخدم فيها الأداة الممنوحة لحماية الأمن العام في تصفية خلافات شخصية وعاطفية، يُدق ناقوس الخطر بقوة.
هل آن الأوان لـ نزع سلاح موظفي الأمن خارج أوقات عملهم؟
أمام تكرار هذه الجرائم التي تحمل قاسمًا مشتركاً هو “السلاح الوظيفي”، يتصاعد صوت المطالبة باتخاذ إجراءات صارمة لتقييد حيازة المسدسات خارج نطاق الخدمة، أسوة بما هو معمول به في أجهزة أمنية أخرى (كبعض وحدات الدرك الملكي).
الحجج الداعمة لسحب السلاح:
الحد من “الاستخدام الشخصي”: يمنع استعمال السلاح كأداة لتصفية الخلافات العاطفية أو الشخصية في لحظات الغضب.
تقليل المخاطر الأمنية: يقلل من احتمالية تعرض السلاح للسرقة أو الاستيلاء عليه من طرف مجرمين أو متطرفين لاستخدامه في أنشطة إجرامية أو إرهابية.
السيطرة النفسية: يفترض أن يكون الشرطي مدرباً على السيطرة على انفعالاته، لكن حوادث كهذه تُظهر أن الضغوط النفسية يمكن أن تتغلب على المهنية، ووجود السلاح في متناول اليد يضاعف الخطر.
الجهات المسؤولة (المديرية العامة للأمن الوطني) مدعوة، أكثر من أي وقت مضى، إلى إعادة تقييم شامل لبروتوكولات حمل السلاح، وربما فرض إجراءات إيداع السلاح في المقرات الأمنية فور انتهاء فترة العمل، لضمان أن تبقى هذه الأداة الرمزية حكراً على خدمة الوطن، لا أداة للخراب والقتل في الخصومات الخاصة.






