قضايا

زلزال قضائي يهز “العمران الشرق”.. و العدالة بفاس تدين مسؤولين ومقاولين بتهم فساد وتلاعب في المال العام

شهدت محكمة الاستئناف بفاس، مساء أمس الثلاثاء، إسدال الستار على واحدة من أكثر القضايا المالية إثارة في جهة الشرق، بعد أن نطقت غرفة الجنايات المكلفة بجرائم الأموال بأحكام وُصفت بالثقيلة في ملف “العمران الشرق”، الذي شغل الرأي العام طيلة الأشهر الماضية بسبب حجم المبالغ المختلسة وتشعب المتورطين فيه بين مسؤولين إداريين ومقاولين.

القضية تتعلق بتصرفات غير قانونية وعمليات مشبوهة في تدبير أموال ومشاريع تابعة للشركة العمومية “العمران الشرق”، حيث خلصت المحكمة إلى وجود تلاعبات خطيرة في الصفقات العمومية واستغلال النفوذ لتحقيق منافع شخصية.

وفي مقدمة المتابعين، أدانت المحكمة المدير العام السابق للشركة، زكرياء لزرق، بعد ثبوت تورطه في “اختلاس وتبديد أموال عامة واستعمال وسائل احتيالية للإثراء غير المشروع”. المحكمة قضت في حقه بثماني سنوات سجناً نافذاً وغرامة مالية قدرها 100 ألف درهم، مع تبرئته من بعض التهم الفرعية.

كما طالت الأحكام المدير المالي للشركة، عبد الخالق أمنيح، الذي اعتبرته المحكمة مساهماً في “تبديد المال العام”، فقضت عليه بثلاث سنوات حبسا نافذاً وغرامة مالية قدرها 50 ألف درهم.

بدوره، أدين المقاول عبد العزيز امسلك بعقوبة سنة واحدة سجناً نافذاً وغرامة قدرها 30 ألف درهم، بعد أن ثبتت مشاركته في استغلال النفوذ وتسهيل إقصاء منافسين من الصفقات العمومية عبر طرق غير مشروعة.

وفي السياق ذاته، لم تستثن المحكمة موظفين بشركة “العمران الشرق”، حيث أصدرت في حق كل من أنس لوديي ومحمد لعجاب حكماً بـ سنة واحدة سجناً نافذاً وغرامة قدرها 20 ألف درهم لكل منهما، على خلفية تورطهما في تسهيل صفقات مخالفة للقانون.

كما تمت إدانة المقاول نور الدين شوال، الذي صدرت في حقه مذكرة بحث وطنية، بخمس سنوات سجناً نافذاً وغرامة مالية قدرها 100 ألف درهم، بسبب تورطه في تبديد أموال عمومية وتزوير وثائق رسمية.

في المقابل، اختارت المحكمة تبرئة مجموعة من المتهمين الآخرين، من بينهم محمد رمزي ومحمد زيادي ومحمد بلخضير ووسيم رافعي ومحمد الأعرج، بعدما تبين للمحكمة عدم كفاية الأدلة لإدانتهم، مع إلغاء جميع إجراءات المراقبة القضائية التي كانت سارية في حقهم.

وفي الشق المدني من الملف، قضت المحكمة بإلزام المدير العام السابق زكرياء لزرق بأداء مبلغ مالي يفوق 610 ملايين درهم لفائدة شركة “العمران الشرق”، تعويضاً عن الأضرار المالية التي لحقت بها جراء سوء التسيير واستغلال النفوذ، مع تحميله المسؤولية التضامنية إلى جانب بعض شركائه.

القضية، التي وُصفت بـ“الزلزال المالي”، أعادت إلى الواجهة ملف الحكامة داخل المؤسسات العمومية، وطرحت أسئلة عميقة حول آليات الرقابة وتدبير الصفقات في قطاع السكن والتنمية الحضرية، خصوصاً وأن المتورطين فيها ينتمون إلى مستويات إدارية عليا.

وبذلك تكون العدالة قد وضعت حداً مؤقتاً لأحد أكبر ملفات الفساد التي عرفتها الجهة الشرقية في السنوات الأخيرة، في انتظار ما قد تؤول إليه مراحل الطعن والاستئناف المقبلة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى