ترانسافيا تُزيح “العربية للطيران” من الواجهة… وخريطة النقل الجوي بين المغرب وأوروبا تُعاد رسمها من جديد

تشهد الساحة الجوية بين المغرب وأوروبا تحولاً لافتاً في السنوات الأخيرة، عنوانه الأبرز صعود شركة ترانسافيا كأكبر مزود للربط الجوي بين المملكة وعدد من العواصم والمدن الأوروبية، مقابل تراجع واضح لشركة العربية للطيران التي انسحبت تباعاً من عدة مطارات مغربية، وعلى رأسها مطار فاس–سايس، بعد أن كانت تؤمّن خطوطاً مباشرة من هولندا وفرنسا ومدن أوروبية أخرى.
هذا التراجع لم يمر دون ملاحظة، خصوصاً أن “العربية” كانت إلى وقت قريب واحدة من أهم الشركات التي يعتمد عليها أفراد الجالية المغربية القاطنة في أوروبا، قبل أن تدخل في مرحلة انكماش غير معلنة، أفرغت فيها عدداً من الخطوط الحيوية التي سرعان ما التقطتها ترانسافيا بجاهزية وشفافية، وبمستوى خدمات جعلها الخيار الأول للآلاف من المسافرين.
ترانسافيا تواصل التوسع… وإطلاق خط أمستردام – الرباط نموذج جديد
في هذا السياق، أعلنت ترانسافيا مساء الخميس عن افتتاح خط جوي جديد يربط أمستردام بالرباط، في خطوة تعكس الدينامية الهجومية التي تعتمدها الشركة في توسيع شبكة رحلاتها نحو المغرب. وقد جرت مراسيم تدشين الخط الجديد في مطار سخيبول بأمستردام بحضور سفير المغرب في هولندا محمد البصري والرئيس المدير العام للشركة مارسيل دي نوييير.
الرحلة الافتتاحية حملت 200 ممثل عن أبرز المجموعات السياحية الهولندية والدولية، ممن سيشاركون في المؤتمر السنوي لجمعية وكالات الأسفار الهولندية (ANVR 2025) بالعاصمة الرباط. وهي خطوة تُظهر الرهان الواضح على تعزيز الجاذبية السياحية للمغرب داخل السوق الهولندية.
خطوط تُفتح… وعلاقات تتعمّق
أكد السفير المغربي في هولندا أن افتتاح هذا الخط ليس مجرد إضافة تقنية إلى خريطة الطيران، بل جسر جديد يعكس عمق العلاقات المغربية–الهولندية ويعزز المبادلات التجارية والسياحية. من جهته، شدد الرئيس المدير العام لترانسافيا على أن الرباط تمثل قيمة استراتيجية في شبكة الشركة المتنامية، مشيراً إلى أن الطلب على السفر نحو المغرب يشهد نمواً قوياً ومستقراً.
أسطول جديد… وخدمات تجعل المنافسة صعبة
نجاح ترانسافيا لم يأتِ من فراغ. فالشركة تستند إلى أسطولها الجديد من طائرات Airbus A321neo الأكثر هدوءاً واقتصاداً، ما يسمح لها بتقديم عروض مريحة، وأسعار شفافة، وبرمجة منتظمة ساهمت في رفع ثقة المسافرين، خاصة الجالية المغربية الباحثة عن خطوط مستقرة وخدمات موثوقة.
وفي الوقت الذي انسحبت فيه “العربية للطيران” من مطارات مثل فاس سايس تاركة خلفها فراغاً كبيراً، استغلت ترانسافيا هذا الهامش لتعزز حضورها في تسع مدن مغربية: الحسيمة، أكادير، الدار البيضاء، فاس، مراكش، الناظور، وجدة، طنجة، والرباط.
الموسم الشتوي… 55 رحلة أسبوعياً نحو المغرب
خلال الموسم الشتوي 2025، تؤمّن ترانسافيا حوالي 55 رحلة أسبوعياً بين هولندا وبلجيكا والمغرب، أي ما يقارب ضعف عدد الرحلات المسجلة سنة 2023. ما يعني عملياً أن الشركة باتت المزود الرئيسي للربط الجوي بين المغرب وأوروبا الشمالية.
ارتفاع غير مسبوق في الطلب… والمغرب أكبر المستفيد
وفق معطيات جمعية وكالات الأسفار الهولندية، شهدت الحجوزات نحو المغرب ارتفاعاً واضحاً خلال شتنبر الماضي، حيث بحث المسافرون الهولنديون عن “شمس الخريف”، وكان المغرب المستفيد الأكبر من هذا الإقبال، مما شجّع ترانسافيا على تكثيف خطوطها باتجاه المملكة.
خريطة جوية جديدة… وتحوّل في ميزان المنافسة
بين انسحاب “العربية” وصعود “ترانسافيا”، يبدو أن سوق النقل الجوي بين المغرب وأوروبا دخل مرحلة جديدة. شركات ذات كفاءة عالية وبرمجة واضحة وجودة خدمات مستقرة هي التي تكسب ثقة المسافرين، في وقت يدفع غياب التنافسية البعض إلى الانكماش والخروج من السباق.
المحصلة: ترانسافيا باتت اليوم المشغل الأكثر حضوراً نحو المغرب… والجالية والسياح هم أكبر المستفيدين.






