الحكومة ترتدي الأبيض… وشوارع المغرب تطالب برحيلها

بينما الشوارع المغربية تضجّ بالاحتجاجات المطالبة برحيل حكومة أخنوش بعد أربع سنوات عجاف، اختار رئيس الحكومة ووزراؤه اليوم الثلاثاء 30 شتنبر الجاري في إجتماع الاغلبية ،أن يظهروا في اجتماع رسمي بلباس أبيض موحّد. مشهد لم يمر مرور الكرام، إذ رآه المغاربة رمزاً للتبرؤ من المسؤولية، أو إعلاناً غير مباشر عن دخول هذه التجربة السياسية في زمن الحداد. فالكل يعلم أن المرأة في المغرب ترتدي الأبيض بعد وفاة زوجها، فهل تعلن الحكومة بزيّها عن “جنازة” سياستها؟
بلاغ الأغلبية الذي أعقب هذا الظهور لم يكن أقل استفزازاً من الصورة. فقد تحدّثت رئاسة الأغلبية عن “الإنصات للشباب”، و”التجاوب مع المطالب الاجتماعية”، و”فتح الحوار”، في وقت يصرخ فيه جيل Z في الشوارع بشعار واضح: الرحيل. أي حوار هذا، والقرارات القاسية التي اتخذتها هذه الحكومة أغلقت أبواب الثقة، ودفعت المواطن إلى الشارع؟ و أن سنوات العجاف كافية لما اوصلت هذه الحكومة الى غضب الشارع و هي مازالت تحلم بالإصلاح غير أن مدة صلاحيتها انتهت قبل التاريخ المحدد لها.
ولم يكتف البلاغ بتزيين الواقع بألفاظ الخشب، بل تحدث عن “إصلاح المنظومة الصحية” و”الورش التعليمي” و”خلق فرص الشغل”. عبارات فضفاضة، لا وجود لها إلا على الورق، بينما المستشفيات تنهار، والمدارس مكتظة، والشباب يقفون في طوابير البطالة. أربع سنوات من الحكم لم تجلب سوى الغلاء، تفاقم الفوارق، وضرب القدرة الشرائية للمغاربة.
إن الأبيض الذي ارتداه الوزراء لم يكن لون الصفاء ولا رمز الأمل، بل تحوّل في عيون المواطنين إلى كفن سياسي يلف هذه الحكومة التي فقدت شرعيتها، وصارت عاجزة حتى عن إنتاج بلاغ يحترم عقول الناس. لقد حاولوا التجميل باللباس واللغة، لكن الشارع قرأ الرموز جيداً: نحن أمام أغلبية سياسية انتهت صلاحيتها، تحتمي بالبيانات الفارغة فيما البلاد تغلي.
اليوم، لم يعد يهم المغاربة ما يلبسه الوزراء، بل ما يلبسونه هم من معاناة. الأبيض لن يغطي السواد الذي زرعوه في حياة المواطنين. فالأوان قد حان: لا بلاغات، لا استعراضات… الشعب يريد الرحيل، والرحيل فقط، رغم إزالة البذلات الرسمية و إظهار للمتلقي انهم يجتمعون من أجل الأشتغال و الإصلاح .