مجتمع

🎧 “ظاهرة طوطو”.. إلى أين يسير الشباب المغربي؟

لم تكن ليلة السبت مجرد عرض موسيقي ضمن مهرجان “موازين”. كانت لحظة كاشفة، بل صادمة. فالحضور الحاشد لحفل مغني الراب المغربي ElGrande Toto، الذي ملأ منصة السويسي عن آخرها، لم يكن فقط نجاحًا فنّيًا، بل مؤشرًا اجتماعيًا يدق ناقوس الخطر: إلى أين يتجه الشباب المغربي؟

من كل جهات المغرب، تدفّق آلاف الشباب، أغلبهم في عمر الزهور، يحملون هواتفهم، أوشامهم، ملابسهم الجريئة، ونظرتهم الساخطة. لم يأتوا فقط لسماع الموسيقى، بل كأنهم جاءوا ليعلنوا عن هوية جديدة: هوية لا تؤمن بشيء، لا تنتمي لشيء، وترفض كل ما هو قائم.

شباب ناقم.. ومخدرات رخيصة

ما رأيناه في الحفل لا يمكن فصله عن الواقع الاجتماعي. شباب متذمّر، غارق في استهلاك المخدرات الرخيصة والخطيرة، يلوذ بالراب كمهرب من واقع بلا أفق. واللافت أكثر، هو التحوّل الثقافي العميق: لم تعد المخدرات سلوكًا هامشيًا أو مدانًا، بل صارت جزءًا من “البرستيج” الفني، ورسالة ضمنية في أغاني طوطو نفسه.

هذا الجيل لا يجد في المدرسة طريقًا، ولا في الأسرة دعمًا، ولا في السياسة بابًا مفتوحًا. والنتيجة؟ نمط حياة كامل يعبّر عنه طوطو: لغة فظة، صدام مع المجتمع، استعراض للتمرّد، وموسيقى تحوّلت إلى ما يشبه خطابًا مضادًا للمجتمع التقليدي والأسرة والقيم.

فتيات في مهبّ الريح

كان الحضور النسائي في الحفل لافتًا. فتيات في مقتبل العمر، خرجن من كل القيود الاجتماعية، بلا قيد ولا خوف، وكأنهن يحاولن استعادة ما فُقد: الثقة، الاحترام، أو ربما الذات. لكن السؤال الأهم: هل فعلاً وجدن في فن طوطو ما يُنقذهن، أم أنهن ينجرفن إلى هاوية جديدة، أكثر خطرًا؟

كثير منهن قد لا يجدن وظيفة أو تعليمًا جيدًا، لكن يجدن هاتفًا وإنستغرام ومغني راب يَعِدُهن بـ”نموذج حياة بديل” – وإن كان وهميًا، غارقًا في التناقضات.

هل أصبح “ستيل طوطو” النموذج المرجعي؟

حين يصبح فنان مثل طوطو أكثر متابعة من السياسيين، وأكثر تأثيرًا من المعلمين، وأكثر احتفاءً من النخب الثقافية، فذلك يعني أمرًا واحدًا: الفراغ الكبير في خطاب المجتمع تجاه شبابه.

لقد ملأ طوطو فراغًا لم تسده المدرسة، ولا الإعلام، ولا السياسات العمومية. فانتشر صوته حيث غاب العقل، وارتفعت شعبيته حيث سقطت القدوة.

فمن يدقّق في أغانيه، يكتشف أن الرسالة ليست فقط تمرّدًا لغويًا أو استعراضًا للممنوع، بل نمطًا من الشرعنة لأسلوب حياة خطير: التباهي بالمخدرات، تمجيد “الواد الحار”، واحتقار كل ما هو مؤسساتي أو تقليدي.

تهديد ثقافي و خطر اجتماعي يتسلّل في صمت

قد يُقال إن الراب فن مثل غيره، وإن طوطو مجرد مغنٍ له جمهوره. لكن حجم تأثيره، وخطورة مضامينه، وتكرار استقباله في المهرجانات الرسمية، كلها مؤشرات تدفعنا للتساؤل:

هل يدرك صانعو القرار الثقافي أن ما يقدّمه طوطو ليس مجرد فن، بل خطاب اجتماعي مؤثر؟

هل تعلم الأسر ما الذي يسمعه أبناؤها ويقتدون به؟

وهل نعي أن الراب هنا لم يعد فنًّا بديلًا، بل صار لغة “الجيل البديل” الذي يُعاد تشكيله على أعيننا، دون رقابة، دون حوار، ودون مشروع بديل؟

في الختام: لا “طوطو” من فراغ

ظاهرة طوطو ليست سببًا في الأزمة، لكنها مؤشر عليها. هو ليس من خرّب الذوق، ولا من شوّه القيم، بل من استغلّ فراغًا كبيرًا وفجوة مهولة بين جيلين: جيل لا يثق في شيء، وجيل لا يفهم شيئًا.

إن لم يُفتح نقاش مجتمعي عميق حول الفن، الشباب، التعليم، والقدوة، فستستمر طوطو ظاهرة، لكنها ستُنجب ما هو أكثر حدّة وخطورة.و سينتج وضع اجتماعي خطير سماته المخدرات،الجريمة،الدعارة، و قد يستغل الوضع حاليا لصالح محترفي السياسية و لكن قد يهدد مستقبل المغاربة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى