هل تقترب نهاية بعثة المينورسو؟ تحولات السياسة الأمريكية: خطوة نحو الحسم

في ظل ولاية الرئيس الأمريكي الثانيّة لدونالد ترامب، بدأت ملامح جديدة تظهر في تعامل الولايات المتحدة مع قضية الصحراء المغربية، لاسيما مع طرح معهد المشروع الأمريكي لأبحاث السياسات العامة فكرة إنهاء بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء (المينورسو). وهذا الطرح الذي جاء من مؤسسة قريبة من الحزب الجمهوري، يعتبر خطوة نحو تعزيز الاعتراف الأمريكي بسيادة المغرب على المنطقة.
ترتكز هذه الفكرة على أن الولايات المتحدة، باعتبارها “حاملة القلم” في صياغة قرارات مجلس الأمن، قد تغيّر من موقفها في هذا الملف، خصوصاً بعد أن أظهرت إدارة ترامب في ديسمبر 2020 تحوّلاً في موقفها مع توقيع مرسوم رئاسي يعترف بسيادة المغرب على الصحراء. هذا الموقف الأمريكي الجديد قد يساهم في إغلاق الملف نهائيًا، ربما عبر إخراجه من “اللجنة الرابعة” للأمم المتحدة التي كانت تمثل ساحة الجدل منذ عقود.
في مقال نشره معهد المشروع الأمريكي، يطرح مايكل روبين، مدير تحليل السياسات بالمؤسسة، فكرة إنهاء بعثة “المينورسو” بسبب الفشل المستمر في تحقيق أهدافها بعد 34 عامًا. حيث كانت البعثة قد أُسست في عام 1991 لتنظيم استفتاء بين الصحراويين لتحديد مصيرهم، إلا أن هذا الاستفتاء لم يُجرَ، ومع مرور الوقت، باتت البعثة لا تقدم نتائج ملموسة.
ويشير روبين إلى أن الولايات المتحدة باتت اليوم تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، مما يجعل تمويل هذه البعثة غير مبرر، بل ويعتبره “خيانة” لدولة شريكة في اتفاقيات أبراهام، التي لطالما دعمت الولايات المتحدة في قضايا متعددة.
في الواقع، ليس للولايات المتحدة الأمريكية دور بارز في المساهمة العسكرية في البعثة، إذ لا تتصدر القوات الأمريكية قائمة الجنود المساهمين. ولكن دور واشنطن يبقى كبيرًا على مستوى التمويل، حيث تمثل الولايات المتحدة أكبر مساهم في ميزانية البعثة، بنسبة تصل إلى 27.89% من إجمالي التمويلات.
تساهم الولايات المتحدة بمبالغ ضخمة في تمويل “المينورسو”، حيث خصصت الأمم المتحدة مبلغ 75.35 مليون دولار للبعثة في العام المالي 2024-2025، مع أن الدول الأخرى تشارك بمساهمات أقل. هذا الدور الأمريكي الكبير في التمويل يضع إدارة ترامب أمام خيار تقليص هذه المساهمات، وهو ما قد يشكل تهديدًا قويًا لاستمرار البعثة.
تستمر الولايات المتحدة في مواقفها المؤيدة للمغرب، حيث بات واضحًا أن واشنطن تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وهو ما يتماشى مع مواقف دول أخرى عديدة، من بينها فرنسا، التي دعمت الموقف المغربي. كما أن جبهة البوليساريو، التي كانت تقاوم هذا الموقف، فشلت في تقديم أي حل عملي، ويعود ذلك إلى تراجع تأثير “المينورسو” في الحفاظ على وقف إطلاق النار منذ أن قررت البوليساريو الانسحاب من الاتفاق في 2020.
المقترحات الأممية الأخيرة تؤكد أن خيار “الاستفتاء” لم يعد في صدارة الحلول المطروحة، حيث يتم التركيز على إيجاد حل سياسي واقعي، يعتمد بشكل أساسي على مقترح الحكم الذاتي المغربي.
إذا قررت الولايات المتحدة تقليص أو إلغاء تمويل بعثة “المينورسو”، فقد يكون ذلك بداية النهاية لهذا الملف في الأمم المتحدة. وهو ما يتماشى مع التحولات في السياسة الأمريكية تجاه الصحراء الغربية، ومع الدعم المتزايد من دول العالم لمغربية الصحراء. في النهاية، فإن قضية الصحراء قد تشهد تحولات جذرية في المستقبل القريب مع استمرار تغير مواقف القوى الكبرى في المنطقة.